صبغة عشائرية لدى التركمان من حيث التكوين والتكتل ،والتمسك بالعصبية ، والتقاليد والعادات واللغـة الخـاصـة ، المستقرين في مختلف الألوية والأقضية في بلاد الشام . التركمان كانوا ومازالوا مستظلون براية بلاد الشام ، ومتعلقون بالوطنية الشامية ، فوق مـا لهم من الحمية الإسلامية التي صورت لآبائهم أن (أول الدنيا الشام وآخرها الشام).
فهاجروا من ديارهم الأصلية لأسباب مختلفة ، وفي أوقات مختلفة ، وجاؤوا واستقروا في بلاد الشام ،وربطوا مقدراتهم بمقدراتها ، واعتنقوا سياستها وهدايتها ، وتلقفوا لغتها إلى حد غير يسير ،مع احتفاظهم بلغاتهم وشخصياتهم القومية ، على أنهم بمرور الزمن وتوالي الاتصال ،وصائرون إلى مساهمة إخوانهم العرب في خدمة هذه البلاد ، بسجاياهم العنصرية الجميلة.
فقد كان لأسلافهم نصيب كبير في خـدمـة البلاد العربية الشامية والمصريـة لما زادوا عن حياض الإسلام ، تجاه غارات الصليبيين الأوربيين والمغول الآسيويين ، وأبلوا وقتئذ أحسن بلاء ، وسادوا وشادوا دولاً وإمارات قوية ، وخلدوا آثـاراً عظيمة في خـدمـة بلاد العرب ،ولغتها وعلومها وآدابها وتآليفها ، وفي بناء المعاقل الحربية ،والمعاهد العلمية والدينية والخيرية في أكثر عواصمها وأماكنها .
وقـد صـار من الحق أن تحمـد سيرة هؤلاء الأسلاف الميامين ، وأن يشمل هذا الحمـد الحاضرين ، وينالهم بعض الاهتمام بذكرهم ووصفهم ، وتعريف ماضيهم وحاضرهم ،أعقابهم إلى من يجهلهم من قراء العربية مازالت المعرفة أول ركن للمحبة والألفة.
الأتراك، أو “التركمان”، كما ورد ذكرهم في أرشيف الدولة العثمانية، هم أقوام آسيوية جاءوا من أواسط آسيا، وهم أولاد عم المغول، انحدروا من قبائل “الأوغوز”، إحدى أكبر القبائل التركية الـ 24، بحسب ملحمة “أوغوز كاغان”، أحد أهم المراجع عن التاريخ التركي، أو الـ 22 قبيلة بحسب معجم المؤرخ التركي الكبير “كاشغارلي محمود” ولكن وإن اختلفت الأرقام، تبقى قبيلة “الأوغوزهان”، أكبر وأهم قبيلة، انحدرت منها أهم الدول والإمبراطوريات التركية التي عرفها التاريخ، ونقصد هنا كل من السلاجقة، والزنكيين، والعثمانيين.
فعندما نذكر التركمان، لا نتحدث عن عائلة أو فخذ واحد، فهم لا ينحدرون جميعًا من ذات الفخذ، ومثال على ذلك السلاجقة والعثمانيون، فهم أولاد عم وقبيلة “الأوغوز” ، قبيلة كبيرة تضم أفخاذًا كثيرة، والتركمان هاجروا من أفخاذ مختلفة، عبر دفعات، واستقروا تدريجيًا في منطقة آسيا الصغرى، ان التركمان السوريون ينتمون من حيث السلالة الى جدهم اوغوزخان نفس المجموعة التي فيها الاتراك ويرجع اصلهم الى اسيا الوسطى والتي كانت تعرف سابقا بتركستان (اليوم جزء منها تخضع لسيطرة الصين والجزء الاخر تتشكل منه الجمهوريات الاسلامية التي استقلت حديثا – تركمانستان وقرغيزستان واوزبكستان وطاجيكستان وداغستان…الخ).
حيث كانت لهم – للتركمان – امبراطورية تمتد من منغوليا الى شمالى ايران، وفي عام 705م وصلت جيوش الفتح الاسلامي الى تلك البلاد حيث استطاع القائد الاسلامي “قتيبة بن مسلم” الوصول الى ما وراء نهر جيحون “اموداريا” في فتوحاته ونشر الدعوة الاسلامية بين القبائل التركية فقبلوها في القسم الغربي من امبراطوريتهم واعتنقوا الاسلام، ومنذ ذلك الحين اخذوا يفدون بكثرة الى الشرق الاسلامي حيث لم تنقطع سلسلة هجراتهم .
لمتابعة قراءة المقالة يرجى الضغط على الرابط التالي ....