تركمان فلسطين - أحفاد الأوغوز حماة ثغور الأقصى
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب-باحث في الشان التركي وأوراسيا
مقدمة
كان للتركمان وما زال دور كبير في الحياة الثقافية والاجتماعية والادبية لشعوب المنطقة التي سكنوا واقاموا فيها بحكم كونهم شعبا ذا ثقافة اصيلة وتاريخ حافل بالدول والامارات التركمانية التي اقاموها في المنطقة العربية عامة في بلاد الشام والعراق خاصة، فانهم اضافوا الى التراث والثقافة الشئ الكثير في هذه المناطق. ولم تقتصر مساهمات التركمان في بناء الدول التي تواجدوا فيها على الجوانب الادارية والعسكرية بما قدموه من اداريين وقادة عسكريين ساهموا بجدارة في بناء الاوطان، وشملت مساهماتهم الجوانب الثقافية والتعليمية والعلمية ايضا. ويكفي فخرا ان شغف شباب التركمان بتعلم اللغة العربية واعتبروا تعلمهم لها وبروزهم في مختلف مجالاتها شرفا كبيرا لهم لكون هذه اللغة هي لغة القران
فلسطين عشية الغزو الصليبي بعد ما يناهز خمسين عاماً من الفوضى العارمة التي عمت أرض فلسطين خلال الربع الأخير من القرن العاشر والربع الأول من القرن الحادي عشر الميلاديـيـن (979 - 1029م)، جراء الفتن والثورات التي تزعمها الأمراء العرب من بني الجراح الطائيين، والتي ساهم فيها حلفاؤهم من بني كلب وبني مرداس، نعمت فلسطين بفترة من الهدوء النسبي شهدت خلالها نوعاً من الاستقرار السياسي، فبعد معركة الأقحوانة (1029/8420م)، جهة الشواطئ الجنوبية لبحيرة طبرية، هزم جيش فاطمي يقوده أمير الأمراء أنوشتكين الدزيري قوات هذا التحالف القبلي الثلاثي وشتت شملها لكن فترة الهدوء التي أعقبت هزيمة التحالف لم تكن كافية لإصلاح ما أفسده نصف قرن من الفوضى على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله الولاة الفاطميون الذين تولوا إدارة شؤون فلسطين
فقد كان الدمار الذي أصاب البلد من كبر الحجم والشمولية بحيث تضاءلت جهود الإعمار المبذولة، ولم تطل إلا أجزاء محدودة منه. فظلت الأوضاع المعيشية لأهل فلسطين على حالها من السوء لم تتغير، وفوق ذلك كله، تدخلت يد القدر لتساهم هي الأخرى في تعطيل عملية الإعمار والترميم، بل لتزيد في حجم الدمار الذي حل بالبلد، وفي معاناة أهله
إذ تعرضت فلسطين على مدى العقود الأربعة التي أعقبت معركة الأقحوانة السلسلة من الكوارث الطبيعية المتلاحقة، فضربتها زلازل مدمرة أنت على ما تم ترميمه من العمائر والمرافق والمنشآت، ودمرت ما ظل سالماً منها في إبان أعوام الفتنة
في هذه الأثناء بدأت تلوح في الأفق مخاطر جدية من الشرق تمثلت بظهور الأتراك السلاجقة على المسرح السياسي في مشرق العالم الإسلامي، فلما شعر الفاطميون، حكام فلسطين وبلاد الشام، بهذا الخطر رأوا من الحكمة أن يتصالحوا مع الإمبراطورية البيزنطية، جارتهم الشمالية التي كانت تعتبر إلى هذا التاريخ خصمهم اللدود، وذلك استعداداً للمواجهة المقبلة مع السلاجقة الخصم الجديد
لكن المواجهة العسكرية المباشرة بين الفاطميين والسلاجقة لم تحدث بمجرد سيطرتهم على الخلافة العباسية في بغداد، وإنما تأخرت إلى ما بعد تنصيب الملك السلجوقي ألب أرسلان على كرسي السلطنة (1063 – ۱۰۷۲م). ففي سنة 1069 بعث الوزير الفاطمي المنشق، ناصر الدولة الحسين بن حمدان، إلى السلطان ألب أرسلان بدعوه إلى تسلم مصر وإلحاقها بالدولة العباسية، فاغتنم ألب أرسلان الفرصة ،ودخل جيشه بلاد الشام في طريقه إلى مصر
ولما وصل الجيش السلجوقي إلى حلب، أعلن أميرها ولاءه وطاعته للسلطان السلجوقي. وبينما كان الجيش يتهيأ لمغادرة حلب متجهاً نحو دمشق وصل الخبر بتحرك الإمبراطور البيزنطي على رأس جيش صخم بنية الهجوم على خراسان. فاضطر السلطان ألب أرسلان إلى أن يصدر أوامره بعودة جيشة من حيث أتي، وجمد خطته لغزو مصر
من هم التركمان ومن اين أتوا للمنطقة العربية
فالتركمان هم شعب تركي يعيشون في تركيا وتركمانستان وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وجزء من الصين يعرف بتركستان الشرقية وجزء من أفغانستان وروسيا في سيبيريا وفي منطقة اورال وحوض نهر الفولجا وكذلك يعيشون في شمال شرق إيران وشمال العراق وشمال سوريا في حلب والرقة وحمص اللاذقية وادلب وفي الجولان السوري المحتل وهناك قسم من التركمان يعشيون في لبنان بعلبك وفلسطين في مدينة جنين ومناطق اخرى من فلسطين وفي غور الاردن
كانت هناك اربعة موجات هجرة للقبائل التركمانية منتظمة انطلقت من آسيا الوسطى سالكين خطوطاً مختلفة: فالخط الاول الطريق الشمالي من شمال بحر الخزر عابراً الى روسيا, والخط الثاني من جنوب بحر الخزر الى جزيرة العرب وآسيا الصغرى ومنها الى جزر بحر إيجة ومنها الى البلقان ويونان, والخط الثالث من فوق افغانستان الى هندستان. والخط الرابع طريق الموجة الكبيرة من فوق اراضي شرق تركستان ومن داخل حدود اسيا الوسطى الى الصين والشرق الأدنى. وهناك من يقول بأن اقواماً تركية كثيرة ومنذ 5- 6 الاف سنة ق.م
يقول الباحث والمؤرخ أحمد وصفى زكريا في كتابه ( عشائر الشام ) بأن موطن التركمان الأصلية في براري آسيا الوسطى الممتدة من جزر الخزر وبحر خوارزم ونهر جيحون، وهم أول من أسلم من الترك في القرن الرابع الهجري، وأطلق عليهم منذ ذلك الحين اسم تركمان بعد أن كانوا في جاهليتهم يدعون اوغوز أو الغز والتواريخ العربية تذكرهم تارة باسم (الغز) وتارة باسم (الخوارزمية) . بلاد التركمان هي البلاد الواقعة في الجنوب الشرقي من بحر قزوين ويسير في طرفها الشمالي الشرقي نهر امودريه المعروف باسم (جيحون), ويحدهم من الجنوب خراسان من إيران وأفغانستان، ومن الشرق أوزبكستان، ومن الغرب بحر قزوين، ومن الشمال كازاخستان حيث هاجر التركمان منها وسكنت الاناضول وشرق المتوسط ووادي الرافدين
يَتكلّم التركمان بشكل عام اللغةَ التركمانيةَ، وهي إحدى لهجات اللغة التركية التي تبلورت كلغة مستقلة، وكان تعبير التركمان قد استخدم تاريخيا كمرادف لتعبير عن “الاوغوز” نسبة لجدهم اوغوزخان الذين سكنوا خلال عهود أواسط آسيا ومن ثم هاجروا الى اصقاع العالم ومنها الى بلاد الشام والعراق ، ولعل هذا التعبير شاع وتعمم عندما بلغت لسلاجقة الأوائل مبلغ القوة والسيادة. كانت الحروب والفتوحات سببا رئيسا لهجرة التركمان مواطنهم الأصلية في أواسط آسيا وتدفقهم للإقامة في البلدان والأقاليم المجاورة كالعراق وبلاد الشام وغيرها
وردت لفظة التركمان في كتاب (تاريخ سيستان) لمؤلف مجهول من القرن الخامس. ويبدو أن هذا الكتاب ألف بأقلام ثلاث مؤلفين وفي ثلاث فترات. وأن كلمة التركمان لها علاقتها بدخول السلاجقة إلى منطقة سيستان وذلك عام 428هـ / 1026م، وهنا يقصد المؤلف بالتركمان جماعات السلاجقة.وردت اللفظة في تاريخ أبن الفضل البهيقي (ت 470/ 1077) مع الإشارة إلى السلاجقة فيدعوهم المؤلف مرة بالتركمان وأحيانا فرق بينهم وبين السلاجقة. وكذلك يشير إليهم بالتركمان السلاجقة وفي مواضع أخرى يكتفي بالقول بالسلاجقة
ومن المحتمل أن المؤلف ميز مجموعة معينة من التركمان (الاوغوز) قادهم من جماعات التركمان الآخرين الذين جاء قسم منهم قبل السلاجقة نحو جهة المغرب وآخرون تدفقوا نحو هذه البلاد بعد الحملات السلجوقية.يبدو أن السلاجقة استحسنوا لأتباعهم تعريفاً معيناً ليميزوا أنفسهم من القبائل الغزية الأخرى الذين حملوا على مناطق الغرب قبل السلاجقة، كذلك ليميزوا أنفسهم من القبائل المناهضة لهم والقبائل التي ألقت فيما بعد القبض السلطان سنجر (513-552/1119-1157م) واحتفظت به أسيرا عندهم من 1153 إلى نهاية 1156م
كذلك ورد تعبير التركمان في كتاب مشهور تناول قبائل الترك، ذلك كتاب (طبائع الحيوان)، ألفه المروزي حوالي 514هـ /1120م وأطلق تعبير التركمان على الغز المسلمين فقط على أساس أنهم الترك الذين اعتنقوا الإسلام. وعندما اشتعلت الحرب بين المسلمين منهم وبين غير المسلمين انسحبت الجموع الأخيرة نحو منطقة خوارزم وهاجرت إلى منطقة (البجنك)، الأمر الذي دعا بالأستاذ مينورسكي إلى القول أن تعبير التركمان يطابق مع أسلمة الاوغوز (الغز)
أن أقدم ذكر لتعبير التركمان ورد في كتاب (أحسن التقاسيم) للجغرافي العربي الكبير المقدسي البشارى (4هـ/10م) عند وصفه مدينتي (بروكت) و(بلاج) الواقعين على نهر سيحون. أما رشدين مؤرخ المغول فشرح هذه الواقعة عندما تدفقت جموع الاوغوز او الغز إلى ما وراء النهر وسماهم بالتركمان أي شبيهي الترك، وبالنسبة لمولف أخر أن الكلمة مشتقة من (تورك إيمان) أي الترك المؤمنين أو الأتراك الذين اعتنقوا الإسلام.وان اقرب تفسير محبذ لمينورسكي وهو أن تورك – من متشكل من لفظتين هما تورك زائدا (من) وتفيد كلمة (من) بالتركية البأس والشدة أو تعني (التعظيم)
إذا عدنا الى الوجود التركماني في المنطقة العربية نجد بأن هجرات القبائل التركمانية لم تكن محصورة على فترات ما قبل الميلاد بل امتدت الى ما بعد الميلاد والعهد الاسلامي، بصورة جماعية وافراد عددية وكتل قبائلية مشكلة بذلك قوة بين القوى الموجودة بالإضافة إلى تأسيسها دولا وامارات مستقلة في المنطقة بين حين واخر بداية العهد الاسلامي وحتى سقوط الامبراطورية العثمانية ابان الحرب العالمية الاولى
أيام الخلافة الاسلامية كان الجيش الاداة الرئيسية بيد الخلفاء في توطيد حكمهم والقضاء على الثورات التي قامت عليهم وفي عهد الخلفاء العباسيين الاولين كانت الجيوش مكونة من عناصر متعددة اهمها العرب والتركمان وهذا ما ساعد الخلفاء في الحفاظ على تماسكهم او ضمان ولائهم، لكن النزاع الذي قام بين الامين والمأمون ادى الى ظهور الفرقة والتشتت مما ادى الى وقوف الجيش العباسي بجانب عباس بن المأمون عند مطالبته الخلافة، وبعدما استطاع المعتصم القضاء على هذه الحركة زاد من قناعته حول ضرورة البحث عن مصدر في الجيش يعتمد عليه وكان المصدر هذا هو التركمان
وان عدد من المؤلفين العرب اشاروا الى مهارة التركمان في القتال وتحملهم المشاق وبروحهم العسكرية دون الانغماس في المخاصمات السياسية من وصف بعض المؤرخين فرسان التركمان (انهم قوم لا يعرفون الملق ولا الخلابة ولا النفاق ولا السعاية ولا التصنع ولا النميمة ولا الرياء ولا البذخ ولا الاولياء ولا البغي ولا الخلطاء ولا يعرفون البدع ولم تفسدهم الاهواء ولا يستحلون الاموال على التأول ما في الدنيا اشجع ولا ارمى ولا اثبت اقداما على الاعداء من التركمان).ولعل كونهم محاربين أشداء، هو السبب الأساسي الذي جعل السلاجقة يعتمدون عليهم ويستعينون بهم في أكثر من معركة وحرب شهدتها منطقة الشرق الأوسط قديمًا
تميزت موجات الهجرة على دفعات من موطنهم الأم آسيا الوسطى، وبشكل واضح نحو الجنوب، فكانت حياتهم قبل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط حاليًا، عبارة عن ترحال مستمر وتدريجي، أشبه بحياة البدو الرحل، تهاجر قبيلة تلحقها الأخرى وهلمّ جرّا.وكانوا يختلفون عن البدو بطريقة الترحال، إذ يعدون مستقرين في وجهتهم، من الشمال إلى الجنوب، مقتربين أكثر فأكثر من منبع الحضارة آنذاك، الشرق الأوسط، وأسسوا دولًا من خلال ترحالهم، مثل الدولة “الخوارزمية”، ودولة “القراخانات”، وغيرها من الدول، وصولًا إلى السلاجقة والعثمانيين، بينما البدو يرتحلون بحثًا عن الكلأ والمرعى وفي وجهات عشوائية، يحطون رحالهم أينما عثروا على واحة تغذيهم، ولم يشكلوا دولة تخصهم عبر تاريخهم.بعد دخولهم الإسلام بدأ الأتراك يقتربون من العرب بصورة خاصة ومباشرة دون وجود حواجز إيديولوجية بالنظر إلى تقبلهم الدين الإسلامي الحنيف ودخولهم وخدمتهم له والذي تمثل في بادئ الأمر مع الأتراك “السامانيين”، ولاحقًا أسلمت دولة “القراخانات” (الملوك السود) عام 960 ميلادي، وكانت أول دولة تركية تعلن إسلامها
ويعتبر السلاجقة أول الأتراك الذين أسسوا دولة إسلامية تركية في هذه المناطق ورافقهم الزنكيون أيضًا، ومع فوز السلاجقة بمعركة “داندان أكان” ضد الغزنويين عام 1040، ازدادت الهجرات التركية وتوسعت بشكل واضح عام 1063ميلادية. واستعان السلاجقة لاحقًا بالتركمان المهاجرين أثناء الغزو الصليبي عام 1096، أيام عماد الدين الزنكي وابنه نور الدين الزنكي التركماني، وبذلك بدؤوا يشكلون نواة الجيش السلجوقي واستقروا بكثرة في منطقة حلب، واستمر هذا التعاون بين السلاجقة والقبائل التركمانية المهاجرة أيام الغزو المغولي أيضًا، إذ هاجرت قبيلة “الكاي” بزعامة “سليمان شاه” جد مؤسس الدولة العثمانية إلى الأطراف الشمالية من سوريا، واستعان بهم السلاجقة لدحر المغول في موقعة “كوسة داغ” عام 1243، وكمكافأة لهم منحوا قطعة أرض في آسيا الصغرى
ومع هزيمة المماليك بقيادة “طومان باي”، أمام السلطان العثماني “سليم الأول” عام 1516 في معركة “مرج دابق” شمال غرب حلب، بدأ الحكم العثماني في المنطقة، واستمر لغاية عام 1918.بعد قيام الدولة العثمانية وتوسعها واعتماد تلك الدولة على الترك في اول مراحل تشكيلها وخصوصا في تامين خطوط المواصلات ومنع حصول التجاوزات من قطاع الطرق أو من العناصر التي سعت إلى القيام بالأعمال التخريبية لإشغال الدولة تم إرسال بعض التركمان للاستيطان في مناطق جنوب البلاد ومنها مناطق بلاد الشام كسوريا ولبنان وفلسطين وشرق الأردن في عهد يافوز سلطان سليم حيث قام سنه 1516 أثناء حملة مصر باستقدامهم من وسط الأناضول وذلك بهدف حمايه طريق الحجاز
ان استخدام التركمان في الجيش الاسلامي يرجع الى اوائل العصر الاموي عندما هاجم ولاة الامويين البلاد وجلبوا منها عددا من رجالها ، فقد جلب سعد بن عثمان بن عفان عددا من رجال الصغد واستخدمهم في المدينة وجلب عبيد الله بن زياد الفين من رجال التركمان من بخارى وجعلهم حرسا خاصا للوالي كما تم استخدام هؤلاء في قمع حركات قامت ضد الدولة الاموية. وعندما ولى قتيبة خراسان فرض على كل مدينة يتم فتحها تقديم عدد من الرجال كي يقاتلوا مع المسلمين
ويقال بأن حجاج عندما بني مدينة (واسط) نقل اليها كثيرا من التركمان ومن نسلهم ابن مارقلي, وان هجرة التركمان الى المنطقة العربية سوريا والعراق وفلسطين بقيت مستمرة فمنهم من توافدوا ومنهم من جلبوا من كل حدب وصوب كما لم يقتصر عملهم على الجندية فحسب بل مارسوا مختلف الاعمال حيث امتهنوا التجارة وزاولوا الصناعة والزراعة والسياسة مما استرعى نشاطهم واخلاصهم وامانتهم في اعمالهم انتباه رجال الدولة الاموية فاستخدموا قسما كبيرا منهم في الجيش وولوهم مناصب عالية. كما ذكر الطبري بان يزيد بن هريرة عندما سلم مدينة واسط الى جعفر المنصور سنة 132 هـ بعد حصار دام عدة شهور كان معه الفان وثلاثمائة رجل من تركمان بخارى
يقول الدكتور مصطفى جواد ان (بني عباس) اجتذبوا التركمان مثلهم مثل (بني الامية) حيث بلغت دعاياتهم بلاد الترك في تركستان واسيا الوسطى فتوافدت اليهم جموع غفيرة من التركمان من طامع في المال وراغب في تبديل الحال ومتطوع يظن طاعته لوجه الله .كما يذكر ايضا بان الجيش الذي فتح العراق اثر انقراض الدولة الاموية كان جيش ابي مسلم الخراساني التركماني وكانت اغلبية الجنود من التركمان
وبذلك دخل التركمان العراق وسوريا وفلسطين افواجا تلو افواج منضوين تحت لواء العباسيين وان فضل بن يحى البرمكي والي خوراسان انذاك ارسل سنة 138 هـ عشرون الف مقاتل تركماني الى المنطقة لاستخدامهم في الجيش العباسي، وعندما بني الخليفة ابا جعفر المنصور مدينة (بغداد) سنة 145هـ واتخذها عاصمة له عين للتركمان محلات خاصة بهم مثل محلة (الحربية) المنسوب الى حرب بن عبيد الله وهو تركماني من اهل بلخ الذي قربه المنصور اليه وجعله صاحب شرطة بغداد وقام منصور بمنح قطائع من شوارع بغداد واسواقها الى رجال بلخ ومرو وبخارى وهم من التركمان، كما انتبه الخليفة هارون الرشيد الى قابلية التركمان الحربية وادخلهم في جيشه وحراسه. وقد اقبل تركمان ما وراء النهر وتركمان الصغد والشاش واشيروسينة والصغانيان وفي مقدمتهم ملوكهم وامراءهم على الاسلام مزدحمين باب المأمون بوفودهم
كما ألف المعتصم خلال حكمه جيشا من التركمان وجندهم واسكنهم في سامراء وغيرها من المدن التي كانت لها اهمية استراتيجية، ويقول السوطي ان المعتصم هو اول من تزين بزي التركمان ولبس التاج كما استخدم التركمان في الجيش بكثرة ولما بويع له لم يكتفي بالتركمان الموجودين عنده بل شجع التركمان على القدوم الى بلاد الشام وعلى يدهم وبأمرة القائد التركماني (افشين) قضى المعتصم على بابك الخرمي سنة 223 هـ عندما شق عصا الطاعة كما اعطى درسا قاسيا للدولة البيزنطينية التي كانت تتجاوز على حدود الدولة العباسية بين حين واخر عندما سار المعتصم اليها بهذا الجيش ودك حصونها وفتح مدينة عمورية المشهورة ومن القواد المواطنين التركمان الذين ساهموا مساهمة فعالة في هذه المعركة (اشناس قائد المقدمة ، ايتاخ قائد جناح الايسر والبغا في المؤخرة) وهزت بطولات التركمان اريحة الخليفة العباسي المعتصم واثار اخلاصهم نخوته واعجابه وقام بإظهار كل مظاهر الاكرام والتقدير لهم
كما قام خلفاء الامويين والعباسيين بإسكان المواطنين التركمان في المدن والثغور والمواقع العسكرية الاستراتيجية في مناطق المختلفة ، حيث استوطنوا في دمشق وحلب و بصرة، واسط ، بغداد، سامراء، تكريت، موصل، تلعفر، اربيل، كرخيني، كركوك، مندنيجين- مندلي ومناطق الاخرى
ان تدفق سيل التركمان لم يتوقف في جميع ادوار التاريخ فقبل احتلال بغداد من قبل معز الدولة البويهي سنة 334هـ بعشر سنوات دخل العراق جمع من الاتراك بزعامة (بجكم) وبقيادة كل من الامراء توزون و ياروق ومحمدينال فرحب بهم محمد ابن رائق بهذا القدر من الرعاية حيث اوعز زعيمهم بجكم بان يجلب من بقى منهم مشردا في ايران بعد تشتت جيش مرداويج اثر مقتله سنة 323هـ – 935م ومن باب التكريم والتقدير اصدر الخليفة امرا يقضي بتعيين بجكم اميرا للأمراء سنة 326هـ وظل في منصبه هذا حتى وفاته سنة 331هـ حيث اشغل المنصب من بعده الامير التركماني توزون
اخبرنا ابن الاثير بان التركمان الذين دخلوا العراق على شكل موجة سنة 433هـ سميت بـ الغز ,ويقول الاخرون بان هذه الدفعة من التركمان سميت بـ (تركمان بلخان) جاءوا الى بلاد الشام والعراق من اذربيجان وعلى راسهم ابو منصور كوكتاش وابو علي دهقام خلال هذه الفترة حصل تقدم وتوسع كبير في نشاط وحيوية السلاجقة التركمان
في فلسطين عشية الغزو الصليبي بعد ما يناهز خمسين عاماً من الفوضى العارمة التي عمت أرض فلسطين خلال الربع الأخير من القرن العاشر والربع الأول من القرن الحادي عشر الميلاديـيـن (979 - 1029م)، جراء الفتن والثورات التي تزعمها الأمراء العرب من بني الجراح الطائيين، والتي ساهم فيها حلفاؤهم من بني كلب وبني مرداس، نعمت فلسطين بفترة من الهدوء النسبي شهدت خلالها نوعاً من الاستقرار السياسي، فبعد معركة الأقحوانة (1029/8420م)، جهة الشواطئ الجنوبية لبحيرة طبرية، هزم جيش فاطمي يقوده أمير الأمراء أنوشتكين الدزيري قوات هذا التحالف القبلي الثلاثي وشتت شملها لكن فترة الهدوء التي أعقبت هزيمة التحالف لم تكن كافية لإصلاح ما أفسده نصف قرن من الفوضى على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله الولاة الفاطميون الذين تولوا إدارة شؤون فلسطين
فقد كان الدمار الذي أصاب البلد من كبر الحجم والشمولية بحيث تضاءلت جهود الإعمار المبذولة، ولم تطل إلا أجزاء محدودة منه. فظلت الأوضاع المعيشية لأهل فلسطين على حالها من السوء لم تتغير، وفوق ذلك كله، تدخلت يد القدر لتساهم هي الأخرى في تعطيل عملية الإعمار والترميم، بل لتزيد في حجم الدمار الذي حل بالبلد، وفي معاناة أهله
إذ تعرضت فلسطين على مدى العقود الأربعة التي أعقبت معركة الأقحوانة السلسلة من الكوارث الطبيعية المتلاحقة، فضربتها زلازل مدمرة أنت على ما تم ترميمه من العمائر والمرافق والمنشآت، ودمرت ما ظل سالماً منها في إبان أعوام الفتنة
ومما زاد الطين بلة أنه وافق هذه الزلازل أعوام من القحط شحت فيها الأمطار وجفت الينابيع والآبار، فهلك الزرع والضرع، وابتلي الناس بالمجاعات، وتفشت الأوبئة والطواعين فيهم. فمن لم يهلك منهم جوعاً وعطشاً فتكت بهم الأوبئة التي استعصت على العلاج. ولم تكن هذه الكوارث من نصیب فلسطين وحدها، بل عمت أيضاً بقية بلاد الشام ومصر، أرض الكنانة، فشلت أمام الناس آفاق النجاة، وتقطعت بهم سبل الإغاثة، فكان هم العربي في هذا الجزء من العالم الإسلامي أن ينجو بنفسه، وصار ينطبق عليه المثل القائل «انج سعد فقد هلك سعيد
في هذه الأثناء بدأت تلوح في الأفق مخاطر جدية من الشرق تمثلت بظهور الأتراك السلاجقة على المسرح السياسي في مشرق العالم الإسلامي، فلما شعر الفاطميون، حكام فلسطين وبلاد الشام، بهذا الخطر رأوا من الحكمة أن يتصالحوا مع الإمبراطورية البيزنطية، جارتهم الشمالية التي كانت تعتبر إلى هذا التاريخ خصمهم اللدود، وذلك استعداداً للمواجهة المقبلة مع السلاجقة الخصم الجديد
لكن المواجهة العسكرية المباشرة بين الفاطميين والسلاجقة لم تحدث بمجرد سيطرتهم على الخلافة العباسية في بغداد، وإنما تأخرت إلى ما بعد تنصيب الملك السلجوقي ألب أرسلان على كرسي السلطنة (1063 – 1072م). ففي سنة 1069 بعث الوزير الفاطمي المنشق، ناصر الدولة الحسين بن حمدان، إلى السلطان ألب أرسلان بدعوه إلى تسلم مصر وإلحاقها بالدولة العباسية، فاغتنم ألب أرسلان الفرصة ،ودخل جيشه بلاد الشام في طريقه إلى مصر
ولما وصل الجيش السلجوقي إلى حلب، أعلن أميرها ولاءه وطاعته للسلطان السلجوقي. وبينما كان الجيش يتهيأ لمغادرة حلب متجهاً نحو دمشق وصل الخبر بتحرك الإمبراطور البيزنطي على رأس جيش صخم بنية الهجوم على خراسان. فاضطر السلطان ألب أرسلان إلى أن يصدر أوامره بعودة جيشة من حيث أتي، وجمد خطته لغزو مصر
فلسطين والتركمان
بينما كان جيش السلاجقة يخوض حروبه ضد الجيش البيزنطي على أراضي آسيا الصغرى (أو بلاد الروم)، كانت مجموعات إثنية من الترك منخرطة فيه تشاركه في القتال ضد البيزنطيين، فحدث أن تمرد زعيم إحدى هذه المجموعات ضد سيده القائد السلجوقي. كانت هذه المجموعة تنتمي إلى فئة عرقية من الترك عرفت باسم التركمان الناوكية . وما لبث زعيمها أن قتل على أرض الأناضول، فحل محله في الزعامة قائد آخر اسمه أتسز بن أوق، وتعرفه المصادر بأنه إيلغازي الخوارزمي
جرت هذه الأحداث عندما كان والي فلسطين وبلاد الشام، الأمير الفاطمي بدر الجمالي، يخوض مواجهات عسكرية ضد الوزير الفاطمي المنشق الحسين بن حمدان من أجل الاحتفاظ بولايته، والتصدي لمحاولات الأخير الاستيلاء على فلسطين وبلاد الشام وانتزاعها منه . أسفر هذا الصراع عن فقدان بدر الجمالي سيطرته على أغلبية المناطق والمدن الفلسطينية، ولم يبق تحت سيطرته إلا مدينتان : عكا في فلسطين،وصيدا في ساحل لبنان. إزاء الوضع العسكري المتدهور الذي آلت إليه سلطة بدر الجمالي في فلسطين لم يكن أمامه من سبيل، وقد حالت قوات الحسين بن حمدان بينه وبين الاتصال البري بمصر، إلا أن يفتش عن نصير يمده بالعساكر والمقاتلين أن يسترد ما فقده من مدن فلسطين، أو على الأقل يساعده الاحتفاظ بما بقي تحت سيطرته
وكان رجاله الذين يستطلعون له الأخبار قد أفادوه بحركة التمرد التركمانية التي حدثت على أرض الأناضول، فأجريت الاتصالات بعناصرها من أجل التحاقهم بعسكره، وتمخض ذلك فعلاً عن انضمامهم إليه. لم تحدد الروايات التاريخية عدد العساكر الذين قادهم أتسز بن أوق من التركمان الناوكية، فقدرهم المقللون بـ 6000 فارس، بينما جعلهم المكثرون 12,000 فارس. ولما دخلوا أرض فلسطين، سنة 463هـ/1070 - 1071م، أناط بدر الجمالي بهم مسؤولية التصدي لغارات البدو، أبناء القبائل العربية الذين اعتادوا الإغارة عبر نهر الأردن على ما يصادفهم من القرى والمزارع والأموال والمواشي داخل فلسطين، فضلاً عما كانت تخلفه هذه الغارات من تدمير المرافق وإزهاق الأرواح رسبي الحرائر والغلمان
ومن أجل تحقيق هذا الهدف على الوجه الأكمل أقطعهم بدر الجمالي البلاد والضياع في منطقة الغور والمناطق الأخرى التي تتاخم حدود البادية، يستغلون جباياتها وخراجها في الإنفاق على أنفسهم وأهلهم، وعلى ما يحتاج إليه مقاتلوهم من خيول وأعلاف وسلاح
لم يكن التركمان الناوكية أول جماعة تركمانية تصل إلى أرض فلسطين. فقبل وصولهم بسبعة أعوام، وبالتحديد سنة 455هـ/ 1063م، استدعى أحد أمراء المرداسيين في حلب مجموعة منهم، مستعيناً بها في نزاعه ضد أبناء عمومته بشأن الإمارة . فوصل إلى حلب عدة آلاف من الفرسان بزعامة قائد تركماني عرف باسم ابن خان،وبقوا هناك أربعة أعوام نشب في نهايتها خلاف بينهم وبين سيدهم الأمير المرداسي،غادروا في إثره المدينة وانضموا إلى القاضي ابن أبي عقيل، والي مدينة صور، الذي أثناء تمرده على سلطة والي الشام الفاطمي بدر الجمالي
ويبدو أنهم استعان بهم في حاولوا استغلال جو الصراع والمنافسة بين الزعيمين الفاطميين من أجل الحصول على أقصى ثمن ممكن. ومن أجل ذلك اتصلوا سراً ببدر الجمالي. ولما علم والي مدينة صور بذلك أوجس من التركمان خيفة، وأمر رجاله باغتيال زعيمهم ابن خان. وعندها خرج التركمان من صور وانضموا إلى حليفهم الجديد بدر الجمالي، الذي رحب بخطوتهم تلك وضمهم إلى عساكره ليتقوى بهم
ويبدو أن هذه المجموعة من التركمان الذين استقروا بفلسطين كانت قليلة التأثير في مجريات الأحداث، إما بسبب قلة عددها، وإما لأن بدر الجمالي استوعب أفرادها في مجمل عساكره. وذلك على عکس ما تركته مجموعة التركمان الناوكية من بصمات على مسرح الأحداث في فلسطين
كان السبب المباشر الذي دفع بهذه المجموعة إلى التحرك هو اقتناع أفرادها بأن الإقطاع الذي منحهم إياه بدر الجمالي في مقابل خدماتهم العسكرية لم يكن كافياً لسد حاجاتهم وإشباع نهمهم، وطمعوا بالمزيد، وأخذوا يلحون عليه في أن يصرف بادروا بهجوم مفاجئ لهم رواتب نقدية غير الإقطاع الذي منحوه
ولما لم يستجب بدر الجمالي لمطالبهم اعلنوا ولاءهم لخصمه المتمرد على سلطته والي مدينة صور، ثم على مدينة طبرية وناحيتها. وعندما أرسل بدر الجمالي حلفاءه من العرب أبناء القبائل لطردهم من طبرية، الحقوا بأبناء هذه القبائل هزيمة منكرة، واقتفوا آثار المنهزمين شرقي الشريعة، واجتاحوا منطقة البلقاء، ودخلوا قلعة عمان ونهبوا ما فيها من ذخائر وسلاح وغلال
بات التركمان الناوكية بعد واقعة طبرية أحد الأطراف السياسية الفاعلة على مسرح الحدث في فلسطين، جنباً إلى جنب مع الدولة الفاطمية والأمراء السلاجقة الذين سيقتحمون الساحة الفلسطينية بعد بضعة أعوام من هذه الواقعة. وبذلك تغيرت مكانة التركمان الناوكية تغيراً جوهرياً. فعندما وصلوا إلى فلسطين، أول ما وصلوا،كانوا مجرد قوة عسكرية رديفة، كجيش مرتزق يؤجر أفراده سيوفهم لمن يزيد في ثمنهم، ثم تحولوا إلى قوة سياسية مناهضة للقوة الأصيلة التي يجسدها بدر الجمالي،كممثل شرعي للخلافة الفاطمية، صاحبة البيت في فلسطين وبلاد الشام .كان التركمان الناوكية هؤلاء ينتمون إلى خليط متعدد من الجماعات الإثنية والشعوب التي كانت تعيش خارج حدود الحضارات القروسطية، وكان علماء الاجتماع العرب المسلمون صنفوا هذه الكتلة العرقية ضمن هذه المجموعات الهمجية، مثلها مثل الشعوب والأعراق الأخرى التي سبقتها أو لحقتها، كالسلاجقة والتتار والمغول ،والتي اخترقت حاجز الهمجية وألقت بنفسها في متاهات مجتمعات الحضارة
بمثل هذا الموروث الهمجي المناقض للفكر الحضاري، كان من المفترض بالتركمان الناوكية أن يتصرفوا على سجيتهم مطلقين العنان لطبائعهم وغرائزهم الهمجية في أول احتكاك لهم بالمجتمعات المتحضرة، كما فعل من جاء بعدهم من التتار والمغول
لكن، وعلى عكس كل التوقعات بشأنهم فقد أظهروا قدراً من الوعي الحضاري الذي حكم سلوكهم مع أهل فلسطين. وقد انعكس ذلك في سعيهم لإعادة إعمار ما كان خرب من المدن والقرى الفلسطينية التي خضعت لسيطرتهم. وهذا ما فعلوه في مدينة الرملة التي كان دمرها الزلزال الكبير، الذي خربها وخرب باقي أجزاء فلسطين سنة 460هـ/ 1067 - 1068م، فأصبحت بعده خاوية على عروشها خالية من سكانها.فقام التركمان الناوكية بتوطين الفلاحين في الرملة، وشجعوهم على عمارتها وإحياء بساتينها ومزارعها، وشرعوا في تنظيم الجبايات على غلالها
كذلك شجعوا استئناف التجارة وضمنوا أمنها وأمن القوافل التي تتحرك على طرق فلسطين، والتي تتحرك ما بين ميناء عكا ومدينة دمشق، بل سعوا للسيطرة على عكا والتحكم في مرفئها وفي السفن التجارية التي ترسو فيه وتقلع منه
الباحث فردريك بيك في كتابه ”تاريخ شرقي الأردن وقبائلها” يقول ينسب التركمان نسبة للقبائل الرحل (قارانا كالي) النازلة في ازمير شتاء وحول اسكي شهر صيفا وفي عام 1870 م وبعد خصام بينهم رحلت بطون منها الى أضنة بتركيا ثم الى انطاكيا فحمص فدمشق والقنيطرة ثم الى حيفا وعام 1874 رحلوا إلى البلقاء ونزلوا قرية ام الرمان ومنحوا أرضا هناك ورجع قسم منهم الى تركيا ، وبقي في الاردن سبعون عائلة تقريبا منهم وفي عام 1925 رجع بعضهم إلى عين الحمر ، وعام 1930قصد البعض منهم شرق الاردن وسكنها ، انتهى ومنهم جماعة في السبع بإسم الترك وكذلك في حيفا وغيرها وهم مسلمون طيبي المعشر كرماء ذوي نخوة ، وقد اختلطوا بالعرب من حولهم حتى تظن انهم من لحمة واحدة ودخلت في عشائرهم احلاف من العشائر العربية حولهم وهناك عشيرة الترك في السلط يقولون انهم من اصل تركي ممن بقي في السلط وماديا والكرك وغيرها
فلسطين تحت سيطرة التركمان الناوكية
كان جنوب بلاد الشام يقسم إلى قسمين: قسم فلسطيني مركزه الرملة والنفوذ فيه لقبيلة طيىء، وقسم دمشقي مركزه دمشق والنفوذ فيه لقبيلة كلب. وقد هيأ النزاع بين أمراء الأسرة المرداسية في حلب الفرصة المناسبة للقبائل الغزية التركمانية للدخول إلى بلاد الشام، فاستعان عطية بن صالح المرداسي أمير حلب بأحد زعماء التركمان المدعو ابن خان حين حاصره ابن أخيه محمود بن نصر المرداسي، ودخل ابن خان وصار سيدها وثم تواطأ بعد ذلك مع محمود بن نصر وسلمه إياها
ويبدو أن ابن خان هذا كان أحد زعماء مجموعة تركمانية تسمى الناوكية، وهم على الأغلب من التركمان الجنود الذين لم يدينوا بالطاعة للسلطان السلجوقي. وقد دخل الناوكية بلاد الشام والأناضول على شكل مجموعات متفرقة غير منظمة اتجهت جنوباً حيث استقرت بصورة خاصة في فلسطين ونشطت فيها قبل سواها من المناطق
وحين فتح السلطان السلجوقي ألب أرسلان حلب سنة 463هـ/1070م هرب الناوكية إلى جنوبي بلاد الشام. وفي حلب أقيمت الدعوة للخليفة العباسي والسلطان السلجوقي. ثم التحم ألب أرسلان مع الجيش البيزنطي في موقعه ملاذ كرد (شرقي تركيا) سنة 463هـ/1071م وهزمهم. وكان الذي شجع ألب أرسلان على المسير جنوباً باتجاه دمشق والرملة دعوة ناصر الدولة بن حمدان الذي استبد بالأمور في مصر الفاطمية في تلك الآونة. وقد خطط ألب أرسلان للتقدم نحو مصر وأخذها من الفاطمين
تميز التحرك السياسي للتركمان الناوكية بقدر كبير من الواقعية السياسية، فلم يسقطوا من حساباتهم موازين القوى المتغيرة بين القوتين الإسلاميتين العظميين : الدولة الفاطمية في مصر وبلاد الشام، والخلافة العباسية في العراق والمشرق وذراعها التنفيذية الفاعلة التي تمثلها سلطنة السلاجقة
ومع أن التركمان الناوكية كانوا يدينون بمذهب أهل السنة والجماعة، مثلهم مثل التركمان السلاجقة الذين أصبحوا حماة الخلافة السنية في بغداد، إلا إنهم لم ينقادوا لأهوائهم المذهبية، ولم يفصحوا عن عداوتهم للفكر الشيعي، الذي تمثله الخلافة الفاطمية في مصر، على الرغم من كان في نظرهم فكراً هرطقياً خارجاً عن الفكر الديني الذي يطرحه أهل السنة والجماعة
والدليل على ذلك أن التركمان الناوكية لم يعلنوا ولاءهم السياسي لخلافة بغداد على أي من منابر فلسطين التي خضعت لسيطرتهم في مراحل نشاطهم السياسي المبكر. وعلى العكس من ذلك فقد حرصوا على إظهار ولائهم للفاطميين، واستمروا في إلقاء الخطبة للخليفة الفاطمي المستنصر، تعبيراً عن رغبتهم في كسب دعمه في صراعهم ضد واليه في بلاد الشام بدر الجمالي، أو على الأقل لتحييده في هذا الصراع
وفي فلسطين كان الفاطميون يخططون لمواجهة السلاجقة، ونجح بدر الجمالي سنة 464هـ/1072م في كسب معظم التركمان الناوكية بزعامة مقدمهم قرلو واستخدمهم في ضرب القبائل العربية بفلسطين “فطردوا العرب الذين كانوا قد تغلبوا على بدر ونهبوا الشام. وكانوا قد طلبوا من بدر المال وهو مقيم بعكا”. فقال بدر: “ما عندي مال وما سلطتكم على العرب (بفلسطين) إلا أن تقنعوا بنهبهم وبما أقطعتكم من الشام، فقالوا نحن أخذنا البلاد بسيوفنا.”
نزل الغز الناوكية طبرية واقتسموا بلاد فلسطين . وحين وجد بدر الجمالي نفسه في حرج، وعلم أنه لا يستطيع السيطرة على هؤلاء التركمان راسل العرب وطلب إليهم العودة إلى بلادهم فلسطين وجنوبي بلاد الشام ووعدهم بالسلاح والمال. فاجتمع العرب وتقدموا نحو طبرية فباغتهم الناوكية، وقتلوا وأسروا الكثيرين منهم وعادوا إلى طبرية
على أن تركمان الناوكية لم يستقروا في فلسطين لأن طبيعتهم كجند تفرض عليهم الغزوات مع الأمير التركمان الذين يقدمون لهم كل مايريدونه . فكانوا يرحلون شمالاً لمساعدة أمير حلب على البيزنطيين ثم يعودون ثانية بعد انتهاء الحرب إلى فلسطين. وقد نزلوا حصن عمان بالبلقاء ثم استولوا على الرملة بعد أن حاصروها ونهبوها
بدأ الناوكية الغز يهاجمون دمشق من قواعدهم في فلسطين ولم يفكوا الحصار عنها إلا بعد أن أرضاهم والي دمشق الفاطمي بخمسين ألف دينار. على أن هؤلاء التركمان ضعفوا بعد سنة 464هـ/1072م وشتتهم النزاعات الداخلية بعد وفاة زعيمهم قرلو. كما أنهم لم يتمكنوا من الصمود أمام القبائل السلجوقية الجديدة بقيادة ألب أرسلان، وهي موجة تركمانية أكبر دخلت بلاد الشام وزحفت باتجاه فلسطين
وكان أتسز بن أوق الخوارزمي أحد أبرز زعماء التركمان الجدد قد حاول السيطرة على دمشق سنة 463هـ/1071م وبعد أن استولى أتسز بن أوق، زعيم التركمان الناوكية، على الرملة وبعض الأجزاء الداخلية من فلسطين صرف اهتمامه للسيطرة على مدينة القدس، فتوجه نحوها سنة 465هـ/ 1072 - 1073م، وحاصرها، فاضطر قائد حاميتها الفاطمي إلى الإذعان وطلب الأمان. وبسقوط القدس في أيدي التركمان الناوكية خضعت أغلبية فلسطين لسيطرتهم، ولم يبق تحت سيطرة بدر الجمالي إلا طبرية ومدينتا الساحل عسقلان وعكا. جعل أتسز الخوارزمي بيت المقدس مركزاً لحكمه وأبطل الدعوة للفاطميين وخطب للخليفة العباسي والسلطان السلجوقي
أثار فتح أتسز بن أوق مدينة القدس غضب الخليفة الفاطمي، لأنها كانت إحدى أهم ركائز الشرعية التي تستند إليها الخلافة الفاطمية، فكان فقدانها يعني تلك الشرعية. وإدراكاً من أتسز بن أوق لهذه الحقيقة، وتفادياً لعواقب غضب الخلافة الفاطمية، فقد سارع إلى إعلان ولائه السياسي للخليفة العباسي القائم بأمر الله ،ولسلطانه السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان، الذي تولى السلطنة بعد وفاة أبيه،وألقيت الخطبة باسميهما على منابر فلسطين، ثم بعث أتسز بن أوق برسالة إلى بلاط الخليفة العباسي تحمل البشارة بفتحه القدس
فتلقى الخليفة هذه البشارة بالفرح مكانة الزعيم التركماني في نظره ونظر سلطانه السلجوقي ذلك لأنه انتزع من الفاطميين الشيعة، أعداء الخلافة العباسية السنية، رمزاً عزيزاً من الرموز والاستبشار، ورفع الإسلامية المقدسة، وقدمه على طبق من ذهب إلى خليفة بغداد
بعد النجاح العسكري والسياسي الذي أحرزه أتسز بن أوق في إثر انتزاعه مدينة القدس من الفاطميين، شعر بمزيد من الثقة والعزم على توسيع دائرة طموحه في الاستيلاء على مناطق جديدة من أراضي فلسطين وبلاد الشام، فاستغل عودة الأمير الفاطمي بدر الجمالي إلى مصر بعد أن استدعي لمعالجة بعض التطورات في القاهرة ، وحاصر مدينة عكا التي سقطت وتم الاستيلاء عليها سنة 467 هـ/ 1074 - 1075م
عين أتسز أخاه شكلي والياً على عكا ليتفرغ بنفسه لمهاجمة دمشق وتخليصها من أيدي الفاطميين، لكن لم يمض وقت طويل على تعيين شكلي بن أوق في هذا المنصب حتى نازعته نفسه الاستقلال بالسلطة والانشقاق على سلطة أخيه أتسز، فأعلن ولاءه للخلافة الفاطمية، وأعاد الخطبة للخليفة على منابر عکا آملاً بالفوز بدعمه لحركته الانفصالية
صمد شكلي أمام الضغط العسكري الذي مارسه أتسز ضد مدينة عكا،وساعده في ذلك الاتصال البحري بين ميناء عكا ومدن الساحل الأخرى الخاضعة للدولة الفاطمية. لكن استمرارية الضغوط العسكرية التي جوبه بها اضطرته إلى البحث عن حلفاء محتملين يستعين بهم على التصدي للهجمات البرية التي يشنها جيش أخيه أتسز
وجد الأمير شكلي في أبناء أسرة قتلمش السلجوقية، التي كانت تقيم ببلاد الروم، حلفاء في حربه ضد أخيه. وكانت هذه الأسرة تنافس أبناء عمومتها سلاطين السلاجقة بغداد والمشرق وتنازعهم الزعامة. وجد أمراء هذه الأسرة في توجه الأمير شكلي بن أوق التركماني فرصة يتصدون فيها لمخططات سلاجقة بغداد لتوسيع نفوذهم في بلاد الشام، ولهذا السبب استجابوا لطلب العون، وأرسلوا أحد أمرائهم على رأس قوة عسكرية لتقاتل مع شكلي على أرض فلسطين
أما أتسز بن أوق فلم يبق مكتوف اليدين إزاء نجاح أخيه شكلي في تحويل الصراع المحلي بينهما إلى صراع إقليمي، وقام بطلب العون من السلطان السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان، الذي لبى الطلب وأرسل من العراق جيشاً من غلمانه (من الميليشيات الخاصة)، قوامه 3000 فارس، نجدة لأتسز بن أوق. خاض الطرفان، أتسز بن أوق وأخوه شكلي بن أوق،وحلفاؤهما من السلاجقة معركة عند مدينة طبرية أسفرت عن مقتل شكلي وأسر حليفه ابن قتلمش أمير السلاجقة الروم
وعلى الرغم من أن انتصار أتسز أنهى تمرد أخيه فإن النتيجة النهائية لم تكن في مصلحته، إذ استطاع الفاطميون إعادة سيطرتهم على ميناء عكا مستغلين انشغال أبناء الأسرة الناوكية بالفتنة التي قادها شكلي بن أوق
والأهم من ذلك كله أن الفتنة داخل الأسرة الناوكية كانت مقدمة لظهور فلسطين وبلاد الشام، إذ تحولوا خلال العقود في الأحداث السلاجقة على في الثلاثة الأخيرة من القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي إلى اللاعب الرئيسي في المناطق الداخلية من بلاد الشام وفلسطين بعد أن انحصر النفوذ الفاطمي في بعض المدن الساحلية على البحر الأبيض المتوسط، من عسقلان في جنوب فلسطين حتى ميناء طرابلس على الساحل اللبناني في الشمال
دولة التركمان ونهايتها
لم تتوقف مطامح التركمان الناوكية عند الاستيلاء على فلسطين والمناطق الجنوبية من بلاد الشام. ففي الوقت الذي كان أتسز بن أوق التركماني يتصدى لتمرد أخيه في عكا تثبيتاً لسيطرته على أرض فلسطين، أخذ يشن الغارات على مدينة دمشق التي كان لا يزال يحكمها حتى هذه اللحظة الوالي الفاطمي معلى بن حيدرة بن منزو.فتواصلت الغارات عليها حتى انهارت القوات المدافعة عنها، وسقطت المدينة في يد أتسز بن أوق سنة 468هـ/ 1075 - 1076م. وبسقوط دمشق أصبحت مملكة أتسز التركماني تمتد من حمص في الشمال حتى حدود فلسطين الجنوبية المتاخمة لشبه جزيرة سيناء، ما خلا مدينتي عسقلان وعكا الساحليتين اللتين ظلتا في قبضة أمير الجيوش الفاطمي بدر الجمالي
كانت تتربص بأتسز قوتان كبيرتان لا طاقة له بهما: الفاطميون من الغرب يمثلهم بدر الجمالي، الذي استولى على منصب الوزارة في مصر وصار بذلك القوة الفاعلة الوحيدة فيها، والسلطان السلجوقي من الشرق. أما الفاطميون فكانوا يعدون العدة لاستعادة ولاياتهم التي فقدوها في بلاد الشام، وأما السلطان السلجوقي فكان ينتظر الفرصة المؤاتية للتخلص من مطامح أخيه إلى السلطة عن طريق إشغاله بالاستيلاء على بلاد الشام. أمام هذا التهديد الذي كان يواجه دولة أتسز بن أوق لم يكن أمامه من حيلة سوى مهاجمة مصر قاعدة خصمه الموتور بدر الجمالي
وكان يقدر أن هجوماً سريعاً ومباغتاً عليها سيضمن له على الأقل فرصة تدمير القوة العسكرية الهجومية التي كان يعد لها بدر الجمالي لاستعادة أملاك الفاطميين المفقودة في فلسطين وبلاد الشام ،أو أن هجوماً كهذا سيمكنه من الاستيلاء على مصر لتصبح عمقاً استراتيجياً يوفر له حرية الحركة وإمكانات الصمود أمام هجوم سلجوقي قادم من المشرق في المستقبل المنظور
من أجل ذلك حشد أتسز جيشاً من التركمان ومن أعراب بلاد الشام ومنطقة دمشق قدر بـ 20٫000 مقاتل، وسار على الطريق الساحلية وتوغل في أرض مصر. لكنه فوجئ بالإعداد الجيد الذي كان بدر الجمالي ينتظر فيه مثل هذا الهجوم ،هزم أتسز عند بلبيس هزيمة منكرة أطاحت أغلبية جيشه (٤٦٩هـ/ 1076 -1077م)،وعاد فاراً مع بضعة عشر نفر من عساكره ووصل إلى غزة، حيث ثار أهلها في وجهه، ففر منها مسرعاً إلى الرملة ليجد أهلها وقد ملأهم شعور التشفي بهزيمته وإذلاله، فواصل مسيره حتى وصل إلى دمشق، وشرع في ترميم جيشه وعساكره
كان لفشل الحملة العسكرية، التي قادها أتسز بن أوق على مصر، مضاعفات على الصعيدين المحلي والإقليمي انعكست آثارها على مجريات الأحداث في فلسطين .فعلى الصعيد المحلي تفجرت في مختلف المدن الفلسطينية ثورة شعبية عارمة شملت مدن القدس والرملة وغزة ويافا. فشق الناس عصا الطاعة على أتسز التركماني وأعلنوا ولاءهم للخليفة الفاطمي، وأعادوا الخطبة له على المنابر، وكان التعبير عن هذه الثورة أكثر حدة في مدينة القدس، حيث وقف قاضي المدينة وطاقم الشهود (أي موظفو الجهاز القضائي) على رأس التمرد الشعبي، فصادروا خزائن المال التي كان أتسز بن أوق أودعها المدينة واقتحموها, وعمدوا إلى نساء الأسرة الحاكمة وحريم ونساء من التركمان وأخذوهن سبايا، واسترقوا أبناءهن، واستولوا على جواريهن وعبيدهن
خرج أتسز من دمشق نحو مدينة القدس ومعه عساكره من التركمان لمعالجة التمرد. ولما اقترب من المدينة أغلقت أبواب السور، ولم يتمكن هو وجنوده من اقتحامها، ولم تنفع الحيل التي عملها في إقناع المتمردين بفتح الأبواب على الرغم أنه كان بذل لهم الأمان. وكانت أسرة أتسز تقيم ببرج داود، داخل قلعة القدس، ولم يتمكن المتمردون من الوصول إليها
فاستغل أفراد الأسرة فرجة في سور القلعة تفضي إلى خارج الأسوار، وخرجوا منها من دون علم المتمردين، ودلوا أتسز وجنوده عليها، فدخل منها مع بعض الجنود، وفتح الأبواب لباقي عسكره. ثم شرع في تقتيل أهل المدينة حتى قيل إنه قتل 3000 إنسان، وفر الباقون واحتموا بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة، وكان ذلك سبباً في نجاتهم، إلا إن أتسز فرض عليهم فدية باهظة في مقابل استحيائهم . أنا قادة التمرد، القاضي ورجاله، فألقى القبض عليهم، وأمر بإعدامهم وهو ينظر إليهم. بعد ذلك أطلق أتسز أيدي جنوده عبثاً وفساداً ونهباً في دور المدينة، وحملوا ما نهبوه وباعوه في أسواق دمشق
بعد فراغ أتسز من تأديب مدينة القدس وأهلها توجه نحو الرملة، وكان أهلها تركوها وفروا نجاة بأنفسهم وحريمهم وأموالهم لهول ما سمعوه عما ارتكبه هذا الطاغية من جرائم بحق أهل مدينة القدس، فترك الرملة وأسرع نحو مدينة غزة ليعمل سيف الانتقام بأهلها حتى قيل إنه لم يترك فيها عيناً تطرف. ثم مضى وجنوده في قرى غزة وريفها حتى بلغوا حدود العريش وهم يمعنون في النهب والقتل وانتهاك المحارم
وتوجه من هناك نحو مدينة يافا ليكمل تصفية الحساب مع أهل فلسطين. وعندما سمع أهلها باقترابه أغلقوا أبواب المدينة ليعوقوا دخوله حتى يتسنى لهم ركوب البحر والنجاة بأنفسهم وأموالهم إلى ميناء صور اللبناني. ولما فشل أتسز في بلوغ هدفه، ولم يتمكن من إشفاء غليله، صب جام غضبه على أسوار مدينة يافا فدكها دكا
على الصعيد الإقليمي لم تسفر حملة أتسز الفاشلة على مصر عن أي تغير في ميزان القوى، فظلت مصر الفاطمية وسلطنة السلاجقة في بغداد تشكلان خطراً استراتيجياً على دولة أتسز التركمانية في فلسطين، وتهددان تطلعاته إلى الاستقرار وطموحاته إلى التوسع والانتشار. بل إن وضعه السياسي والعسكري بعد الهزيمة أولاً،وبعد تمرد أهل فلسطين ثانياً، أصبح أكثر هشاشة وأكثر عرضة للأذى عما كان عليه قبل حملته على مصر. وعلى ما يبدو فإن أتسز شعر بهذا الضعف الطارئ الذي أصاب مكانته وشرخ جدار هيبته
وقد أكدت ذلك رسالة التطمين المذعورة التي أرسلها إلى السلطان السلجوقي ملكشاه يعبر فيها عن نيته شن غارة جديدة ضد الفاطميين في مصر. ولم يكن السلطان ملكشاه بحاجة إلى مثل هذه الرسالة، أو إلى في أن أي مؤشر آخر، ليكتشف أن أتسز لم يعد قادراً على الاستمرارية والصمود
في سنة 470هـ/ 1077 - 1078م، أصدر السلطان السلجوقي مرسوماً يعطي بموجبه أخيه توتوش بلاد الشام إقطاعاً. وفي العام التالي، خرج توتوش على رأس جيش من غلمانه نحو الشام، وبدأ بمدينة حلب فحاصرها بعد أن كان أخضع المناطق الممتدة ما بين ديار بكر حتى حمص لنفوذه
وعلى الرغم من المرسوم الذي أصدره السلطان إلى أخيه لم يشمل المناطق الجنوبية من بلاد الشام،وخصوصاً دمشق وأرض فلسطين، وهي المناطق الواقعة ضمن دولة التركمان الناوكية ،فإن مخاوف أتسز بن أوق من دخول تتش أرض الشام، كانت أكبر من أن يخفيها.فأرسل كتاباً آخر إلى السلطان يبرئ نفسه فيه من أي مخالفة قد تغضب السلطان، أو قد تبرر إرسال جيوشه إلى بلاد الشام، ويكرر فيه استعطافه واعتذاره
وبينما كان توتوش بن ألب أرسلان السلجوقي في معسكره في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب، بعد أن أخفق في الاستيلاء على المدينة بعد حصارها، وصل إليه کتاب استغاثة من أتسز في دمشق يستحثه على نجدته ضد الهجوم الفاطمي الذي بادر إليه الأمير بدر الجمالي، وزير الخلافة الفاطمية.فبعد تلكؤ لأكثر من عامين، بعد الغارة الفاشلة التي قام بها أتسز بن أوق على مصر، أرسل الوزير بدر الجمالي جيشاً فاطمياً يـقـوده الأمير ناصر الدولة الجيوشي إلى الشام لإخراج أتسز من دمشق وفلسطين.ولما وصل الجيوشي إلى دمشق حاصرها، ولذا أرسل أتسز بن أوق كتاب الاستغاثة إلى القائد السلجوقي توتوش بن ألب أرسلان أكد فيه يضع تصرفه، وأنه سيكون مجرد نائبه في حكم بلاد الشام
فلسطين تحت حكم السلاجقة التركمان
فالسلاجقة هم فرع من قبائل (الغز الأوغوز ) انسابت من سهول تركستان حوالي 345هـ 956م وسكنوا اول الامر في بلاد ما وراء النهر وشرق المتوسط واعتنقوا الدين الاسلامي وفق المذهب الحنفي الذي اخذه التركمان من السامانيين وقد سمي هذا الفرع بالسلاجقة نسبة الى جدهم الاعلى سلجوق بن دهقان الذي كان محترما بين فرسانه شهما صاحب راي وتدبير كان لسلجوق بن دهقان اربعة اولاد (اسرائيل ، بيغو ارسلان ، موسى بيغو ويونس وميكائيل) وقد خلف اسرائيل ولدا اسمه قتلمش الذي هو رأس سلاجقة الروم و خلف ميكائيل ولدين طغرل بك وجغرى, وكما توثق علاقة السلاجقة مع الخليفة العباسي بزواج الخليفة القائم بأمر الله من ارسلان خاتوون خديجة ابنة داود اخ السلطان طغرل بك
يقول الباحث الدكتور مصطفى جواد ان دور السلاجقة في بلاد الشام والعراق كان أعظم الأدوار أثرا في المجتمع ، فان الوف الرجال (الغز الأوغوز) من جند السلجوقيين لم يدخلوا بلاد الشام والعراق اذلة مستعبدين فردا فردا او بضعة وانما دخلوها جموعا أحرارا مسلحين فاتحين منقذين ، متصوفين بها تصرف المالك ، وصار قادة السلاجقة وامراؤها اهل قطاع وضياع في دمشق وحلب وبغداد وما جاورها من الجزيرة والشام وبلاد العجم كما اسس كثير من امراء السلجوقيين امارات تركمانية كإمارة بني ارتق بماردين وما حولها وامارة اتابكة الموصل وإمارة حلب ودمشق وامارة بني زين الدين كجك في اربيل وامارة بني قفجان في كرخيني كركوك وامارة القرا ارسلانية بامد ديار بكر وامارة اتابكة الجبل وآذربيجان من بني الدكز وامارة السلغرية بشيراز وما حولها من فارس وامارة الايواقية في جبل حمرين وغيرهم من بني شملة وايدو غدى بخوراسان ومن القبائل التركمانية التي دخلت بلاد الشام والعراق مع السلجوقيين قبائل البيات وبكديلي والأفشار وغيرهم
رأى الأمير السلجوقي توتوش بن ألب أرسلان التركماني في دعوة أتسز إلى التدخل لإنقاذه من الهجوم الفاطمي فرصة طال انتظارها لتحقيق مطامحه إلى السيطرة على بلاد الشام، فتحرك من معسكره في منبج وخرج مسرعاً نحو دمشق. ولما علم القائد الفاطمي ناصر الدولة الجيوشي بحركة تتش أسرع إلى فك حصاره عن دمشق،وانسحب جنوباً ليعسكر في الرملة يرقب منها تطور الأحداث. وصل تتش وأمر بأن يلقى القبض على أتسز بحجة تقصيره في تأدية مراسم الاستقبال التي تليق بأمير مثله .وكانت تلك الذريعة التي اتكأ عليها تتش للتخلص من أتسز، فقام بخنقه بوتر قوسه ربيع الثاني 471هـ/21 تشرين الأول (أكتوبر) 1078م، واستولى بذلك على دولته، دولة التركمان الناوكية في دمشق وفلسطين
كان استيلاء توتوش السلجوقي على دمشق قد وضع السلاجقة، لأول مرة منذ ظهورهم على المسرح السياسي للعالم الإسلامي، على خط المواجهة مع الدولة الفاطمية. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن الوجود السلجوقي على أرض بلاد الشام في هذه المرحلة لم ينشأ عن خطة سياسية استراتيجية على مستوى السلطنة، أو بالأحرى على مستوى السلاجقة الكبار، كما تسميهم المصادر، وإنما كان نتيجة تدبير احترازي قام به السلطان ملكشاه للتخلص من أخيه تتش كمنافس مستقبلي لأبنائه بشأن وراثة منصب السلطنة
ولم يكن انخراط توتوش في الصراع العسكري بين أتسز بن أوق والفاطميين قد حدث بأمر من أخيه السلطان أو حتى بعلمه. ولعل إدراك تتش هذه الحقيقة هو الذي تحكم في سلوكه السياسي والعسكري مع الدولة الفاطمية على أرض الشام. إذ تميزت تحركاته بكثير من الحذر، فبعد استيلائه على دمشق وقتله الزعيم التركماني أتسز بن أوق لم يندفع إلى الاستيلاء على ما تبقى من مملكة الأخير على أرض فلسطين، كما أنه لم يدخل مواجهة عسكرية سريعة ومباشرة ضد الأملاك الفاطمية على الساحل، لأنه لم يكن يضمن أن يتلقى الدعم العسكري اللازم لمواجهة كهذه من أخيه السلطان
وبالمثل فقد ساد الحذر ردات الفعل التي أبداها الفاطميون تجاه هذا الأمير السلجوقي الذي غزا دمشق، لأنهم لم يكونوا على يقين من موقف السلطان في بغداد من أخيه، وكانوا يخشون مواجهة شاملة السلطنة السلجوقية ،التي قد تلقي بكل ثقلها العسكري، إذا هم تحدوا وجود توتوش في الشام وفلسطين
سعى الأمير السلجوقي توتوش، كغيره من الحكام المسلمين، وكغيره من أمراء العساكر المغامرين ممن سبقوه، أو ممن لحقوه، للاستيلاء على مدينة القدس لما لها من وزن نوعي ورمزية دينية مركزية في إسباغ صفة الشرعية على الدول والحكام ولذلك نراه وبعد مرور أقل من عام على استيلائه على دمشق يرسل جيشاً لمحاصرة القدس، سنة 472هـ/ 1079 - 1080م، والتي كانت لا تزال في يد ممثل يلي أمرها باسم أتسز بن أوق. وامتدت محاصرة جيش توتوش للمدينة حتى سنة 475هـ/ 1082 1083م، حين أرسل أحد قادته التركمان، وهو أرتق بن أكسب ، والد الأميرين الأرتقيين اللذين سيتوليان مدينة القدس حتى قبيل سقوطها في أيدي الصليبيين بوقت قصير, استطاع أرثق أن يدخل مدينة القدس بعد أن ضمن لممثلي أسرة أتسز خروجاً آمناً منها. ومنذ التاريخ المذكور منح توتوش بن ألب أرسلان مدينة القدس إقطاعاً للقائد أرتق الذي ترك إدارتها لابنيه سقمان وإيلغازي، ليتفرغ للنشاط العسكري السلجوقي في أماكن متعددة
بعد استيلاء توتوش على دمشق والقدس وأجزاء أخرى من فلسطين ظل الغموض والضبابية يكتنفان العلاقة بينه وبين أخيه السلطان، ولعل ذلك كان سبباً في حرص الطرفين على استمرارية الأوضاع الراهنة في بلاد الشام. وهذا ما حدا الأطراف الفاعلة على الساحة السياسية في بلاد الشام على البحث عن صيغة للتعايش فيما بينها
كانت فلسطين في الأعوام السبعة عشر الأخيرة، التي سبقت الغزو الصليبي،تتقاسمها دولتان: الدولة الفاطمية، ودولة سلاجقة الشام. فكان نصفها الغربي، أي الجانب الساحلي، يقع تحت النفوذ الفاطمي وخصوصاً الموانئ والمدن الساحلية، مثل غزة ويافا وأرسوف وقيسارية وعكا. بينما كان نصفها الشرقي، من أعالي الجليل شمالاً حتى حدود فلسطين مع صحراء سيناء، بمدنه وقراه في أيدي السلاجقة، بما ذلك مدن طبرية ونابلس والرملة والقدس والخليل
وبالتالي، بدأ الفاطميون يوسعون منطقة نفوذهم على حساب مناطق نفوذ السلاجقة، فانتزعوا منهم مدينة الرملة أول الأمر، وقبيل الغزو الصليبي لفلسطين وسقوط مدينة القدس في يدهم بوقت قصير، استعاد الفاطميون سيطرتهم على مدينة القدس.وكانت القدس منذ سقطت في يد تنش بن ألب أرسلان، سنة 475هـ/1082 – 1083م، خضعت لقائده التركماني أرتق، ثم من بعده لولديه، وظلت تحكمها الأسرة الأرتقية إلى أن استعادها أمير الجيوش الأفضل بن بدر الجمالي، سنة 489ھ/ 1095 - 1096م، فأخرج منها التركمان
استيطان الأقليات العرقية المشرقية في فلسطين
تركمان الأوغوز
شهدت فلسطين، مثلها مثل باقي بلاد الشام، منذ أواسط القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، تطورات ديموغرافية كانت نتيجة مباشرة أو غير مباشرة للتغيرات السياسية الكبرى التي أثرت في بلاد المشرق، إيران والعراق والجزيرة وآسيا الصغرى، وخصوصاً قيام دولة السلاجقة وظهور عنصر الأتراك وتراجع العنصر الإيراني المتمثل في الدولة البوبهية. فكان من أهم تداعيات هذا الحدث السياسي أن وقعت بلاد الشام تحت تأثير السلاجقة ثم تحت حكمهم بعد أن تقلص النفوذ الفاطمي فيها إلى حد كبير، بل أصبح مرشحاً للزوال نهائياً
وخلال الأعوام الخمسين التي سبقت الغزو الصليبي لفلسطين وبلاد الشام، ظل السلاجقة، من كان منهم ممثلاً للسلطان السلجوقي، ومن كان من قادتهم المنشقين، يترك بصماته على مجريات الأحداث في فلسطين. وكان من الطبيعي، والحالة هذه، أن يؤثر ذلك في البنية الديموغرافية، فأصبح عنصر التركمان جزءاً من المشهد الديموغرافي في فلسطين، جنباً إلى جنب مع سكانها الذين ينتمون إلى العنصر العربي أو غير العربي
تعود علاقة التركمان بفلسطين الى ماقبل حوالي ألف عام، وتحديدا الى العام 497 هجرية، 1103 ميلادية، خلال الحملة الصليبية الاولى. يشير كتاب (فلسطين في تاريخ الاسلام)، منشورات المركز الفلسطيني للاعلام، الى أنه ( ..... كان بين معين الدولة سقمان وشمس الدولة جكرمش حرب، ولمّا حوصرت حرَّان من قبل الفرنج سنة 497 هجرية تراسلا وأعلم كل منهما الآخر أنه قد بذل نفسه لله تعالى وثوابه فسارا واجتمعا بالخابور في عشرة آلاف من التركمان والترك والعرب والأكراد فالتقوا بالفرنج عند نهر البليخ، وهزم الفرنج فقتلهم المسلمون «كيف شاؤوا»، وأسر بردويل ( قائد الفرنج) وفدى بخمسة وثلاثين ديناراً و 160 أسيراً من المسلمين وكان عدد قتلى الفرنج يقارب «12» ألفا
حين تستعرض قبائل المنطقة وبالذات في الأردن وفلسطين, تجد أن هناك قبيلة عريقة ضاربة في جذور التاريخ غائبة للأسف الشديد عن الساحة الاجتماعية لباقي القبائل الأخرى, غائبة كمجموعة من العشائر الوازنة, وقبل أن نتساءل لماذا قبيلة عرب التركمان غائبة اليوم كقبيلة عن المشهد الاجتماعي؟ علينا أن نؤكد قبل ذلك أن أبناء عشائر هذه القبيلة جاءوا كمحاربين على التوالي منذُ مئات السنين من ثلاث جهات, جاءوا من شمال وشرق وجنوب بلاد الشام, جاءوا متجهين إلى فلسطين واستقروا في منطقة مرج بن عامر/ حيفا, منذُ عام 635م حتى عام 1416م, وبعد عام 1948م عام النكبة, لجأ السواد الأعظم من أبناء هذه القبيلة إلى المملكة الأردنية الهاشمية حيث الاستقرار, وإلى دول أخرى مجاورة
وتشير الوقائع التاريخية أن أبناء وعشائر قبائل التركمانية جاءوا على التوالي كمقاتلين وقادة ميدانيين مع ألوية عسكرية لتحرير القدس الشريف من الغزاة, فقد جاءت المجموعة الأولى إلى مرج بن عامر/ حيفا مع ألوية القائد (ابو عبيدة عامر بن الجراح) رضي الله عنه وذلك عام 635م, والمجموعة الثانية جاءت مع ألوية القائد (صلاح الدين الايوبي) عام 1186م, في حين أن المجموعة الثالثة والاخيرة جاءت مع ألوية القائد العثماني السلطان (سليم الأول) عام 1416م
وبعد أن أستقر الزحف العسكرية الميداني لتحرير القدس الشريف من الغزاة, استقرت هذه المجموعات الثلاث في منطقة مرج بن عامر/ حيفا, حيث تعايشت معاً لالتقائهم على وحدة الدين ووحدة اللغة, ليشكّلوا بعد ذلك وحدة ثقافية متينة مليئة بالعادات والتقاليد والقيم الرفيعة والنبيلة المشتركة لهم, ومع مرور الزمن بدأت تتشكل نواة لكل عشيرة من العشائر الثمانية في مرج بن عامر آخذة هذه العشائر بالتمحور بحكم الجيرة مع مع القبائل العربية حول اسم (عشائر عرب التركمان), ولخصوبة أرض هذا المرج والذي اخذ شكل مثلث بين كل من مدينة حيفا ومدينة جنين ومدينة طبريا, بطول 45 كم, وعرض 25 كم, وبمساحة كلية تقدّر بـ 400 كم², فقد عمل أبناء هذه العشائر الثمانية بالزراعة وتربية المواشي حتى عام 1948م
نجد إن إستطان التركمان في فلسطين( حسب بعض الوثائق التاريخية) منذ عام 885 هجرية الموافق 1418 ميلادية، وخاصة في قضاء حيفا التي كانت ضمن قطاع آل طرباي الذين أصبحوا يعرفون باسم الاسرة الحارثية في مرج أبن عامر، ويسمون الان عرب التركمان. كما استوطن التركمان في مدينة جنين وكركور وغزة ويعرفون، في الاخيرة، بالعشائر الشجاعية التركمان، ومن أبرز شخصياتهم في الوقت الحاضر الدكتور فضل خالد أبو هين والسيد حلمي شوباش، رئيس مجلس عشائر عرب التركمان، الذي تأسس عام 1890 ، يمثل فيه رؤوساء العشائر التركمان في فلسطين
في النصف الثاني من القرن الحادي عشر، استعان الأمير الفاطمي بدر الجمالي، حاكم بلاد الشام من جانب الخلافة العلوية الفاطمية في القاهرة، بأحد زعماء التركمان المنشقين عن السلطان السلجوقي ألب أرسلان الذي كان من أوائل التركمان الذين قدموا إلى أرض فلسطين. وكان هذا الزعيم التركماني انشق عن القائد العسكري السلجوقي الذي أرسله السلطان إلى آسيا الصغرى. وفي هذا الوقت، كان بدر الجمالي يجابه أنصار الوزير الفاطمي المنشق الحسين بن حمدان الذي اتصل بالسلاجقة وحثهم على مهاجمة مصر وأخذها من الفاطميين
وصل هذا القائد التركماني إلى بدر الجمالي في فلسطين ومعه عدة آلاف من الفرسان التركمان الناوكية، قدر عددهم ما بين 6000 و12,000 فارس. وبسبب الطبيعة القبلية الرعوية التي تتسم بها القبائل التركية عامة، فقد أناط بدر الجمالي بالفرسان التركمان مهمة منع تسرب المجموعات القبلية العربية التي تغير على الريف الفلسطيني وتعيث في المزارع والقرى فساداً، وبسبب طبيعة هذه المهمة فقد أقطعهم المناطق الريفية المحاذية لغور الأردن والمناطق الأخرى التي تتاخم البادية، فاستقروا بها. وكانت مجموعة تركمانية وصلت إلى فلسطين قبل هؤلاء عندما استعان بها حاكم صور الفاطمي الذي تمرد على سلطة بدر الجمالي
وفي أعقاب خلاف بين أفراد هذه المجموعة وبين هذا الحاكم المتمرد تخلوا عنه وانضموا إلى قوات بدر الجمالي نفسه. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن المقاتل القبلي الذي يخرج للقتال كان يصطحب معه زوجته وأولاده وأهله ،ولم يكن يتركهم خلفه، إذ لا وجود لمدن مسورة تحميهم أو حصون يأوون إليها،وليس لهم من حصون إلا سيوفهم. فكان من الطبيعي أن ترافق هؤلاء الفرسان عائلاتهم فتستقر حيث يستقرون وينتهي بهم المطاف
ثم مرت فلسطين بفترة زمنية لا تقل عن 30 عاماً وقعت خلالها تحت سيطرة التركمان الناوكية بزعامة أتسز بن أوق، ولم ينته حكمهم إلا قبل عام واحد من بدء الغزو الصليبي واحتلال البلد. فكانت هذه السيطرة سبباً آخر أدى إلى تعزيز الوجود التركماني في فلسطين وتكثيفه. كلنا يعلم بأنه تم تحرير القدس على يد المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي الكردي عام 1187م، لكن كثير منّا لا يعلم أن مشروع استعادة بيت المقدس بدأه آل زنكي الذين يرجع نسبهم لقبيلة الأوشار التركمانية وأنجزوا أكثره واقتربوا من الفتح إلّا أن إرادة الله سبقت فمات نور الدين، وأن صلاح الدين الأيوبي كان قائدا في دولة نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي، وأن الأخير هو من أرسل صلاح الدين لمصر والتي كانت قاعدة صلاح الدين فيما بعد للوصول للسلطنة بعد موت نور الدين محمود
وهذا ما يفسر ذلك الوجود الفاعل للعنصر التركماني في الغارات التي كان يشنها حكام مصر ومن بعدهم القائد التركماني نور الدين زنكي وصلاح الدين الايوبي على الأجزاء الشمالية من فلسطين في منطقتي طبرية والجليل
بما أن صلاح الدين ورث الدولة الزنكية فقد ورث جيشها أيضا، والذي كان الجزء الأكبر منه من المكون التركي التركماني الذي كان عماد جيش فتح القدس فيما بعد، وبرز منهم في الفتح سلطان أربيل التركماني مظفر الدين كوكبرو، وقد مدح أحد الشعراء المعاصرين للفتح صلاح الدين ودولته، والتي وصفها بدولة التُرك ليسجل هذه الحقيقة في ديوان العرب الشعري فقال
بدولة الترك ذَلَت بيعةُ الصلبِ… وبابن أيوب عزَّ دينُ المصطفى العربي
وكان للتركمان الحزبنلدية وهم من تركمان الشام مشاركة فاعلة لصلاح الدين في تحرير فلسطين، كما قدم إليه مع القائد التركماني بدر الدين دلدرم خلق كثير من المقاتلين التركمان
بعد فتح القدس من قبل الجيوش الإسلامية واستقرار الوضع فيها ، توجهت الجيوش الإسلامية إلى الأجزاء الغربية من فلسطين وأقامت مقارها في الأجزاء الغربية من مرج بني عامر
وقد ذكر الدكتور أسامة أحمد تركماني في كتابه “جولة سريعة في تاريخ الأتراك والتركمان ما قبل الإسلام وما بعده” الدولة الأيوبية وعدّها من الدول التركية التي قامت في ظل الإسلام فوصفها بأنها “دولة تركية إلّا أنّ أمراءها من الأكراد” فهي تركية الجيش والإدارة كردية الإمارة
وبعد انقشاع النفوذ السلجوقي التركماني في فلسطين وأجزاء من سورية وبلاد الشام بسبب الغزو الصليبي من جهة، ويسبب الدولة الزنكية التركمانية في الموصل والجزيرة ثم في حلب ودمشق ومصر، من جهة أخرى، فإن تسرب العناصر التركمانية من المشرق عبر آسيا الصغرى إلى منطقة الجزيرة وبلاد الشام، وإلى محيط الأراضي الفلسطينية لم ينقطع، إلا إنه في هذه المرحلة لم يكن ذا طابع عسكري، ولم يكن بهدف إنشاء إمارات عسكرية أو كيانات سياسية انفصالية عن السلطة المركزية، كما كان يحدث في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي
كان التسرب في هذه المرحلة ذا طابع سلمي لا يختلف بشيء عما كان يحدث من هجرات قبلية عربية من جزيرة العرب إلى أطرافها الشمالية والشرقية، في بلاد الشام وأرض العراق، وإلى حد ما إلى مصر وشمال إفريقيا، قبل الإسلام وبعده، إذ كانت فلسطين في معظم هذه الهجرات محطة موجات الهجرة القبلية الأساسية للتركمان نحو بلاد الشام وفلسطين . من هذا المنظور كانت هجرة التركمان إلى بلاد الشام هجرة رعوية بحثاً عن مصادر الرزق الضرورية للمجموعات الرعوية، مثل المراعي والمياه. ولهذا السبب لم ينظر إلى هذه الهجرات كهجرات معادية من جانب الدولة نور الدين الزنكية (دولة النورية)، دولة الزنكيين التركمان، وإنما اعتبرها عماد الدين زنكي هجرة صديقة، ورأى في التركمان الذين دخلوا بلاده سنداً وظهراً في حربه ضد الفرنجة
فأسكنهم في ولاية حلب في مقابل جهادهم ضد الفرنجة، وجعل كل أرض يستنقذونها منهم ملكاً خالصاً لهم، فنشطوا في قتال العدو واستولوا على مناطق واسعة من أرياف حلب التي كانت تحت سيطرة الصليبيين. ووفي عماد الدين زنكي بوعده للتركمان، وخصوصاً التركمان الإيوائية ،فظلت البلاد كلها التي حرروها في يدهم حتى سنة 600هـ/1203 - 1204م
وازدادت أعداد التركمان ومجموعاتهم القبلية في منطقة حلب وقلب بلاد الشام في إمارتي حمص وحماة. وكانوا عنصراً أساسياً في القوات المحاربة المساندة للجهد العسكري الذي كان يقوم به نور الدين زنكي ومن بعده السلطان صلاح الدين في قتالهما ضد الفرنجة
وبرز من هذه المجموعات التركمان البكدلية (بي ديلي) ،البازية،والأوشرية ،والبياضية، والذكرية، والأسفية، والبراقية، والكبكبية. وكانت هذه المجموعات ضالعة في الفتن وحركات التمرد التي كان يتزعمها بعض نواب سلاطين المماليك في بلاد الشام في القرون الثلاثة التي أعقبت قيام الحكم المملوكي، ولم يقتصر وجود التركمان على قلب سورية، بل استقرت جماعات منهم على تخوم مملكة القدس اللاتينية في فلسطين في مناطق البقاع ووادي التيم وبانياس والحولة وهضبة الجولان وبحكم قربها من ساحات المواجهة مع الفرنجة فقد كانت تشارك في الأنشطة الهجومية والغارات التي كان يشتها أمراء دمشق ومن بعدهم نور الدين زنكي ضد الفرنجة في شمال فلسطين ومنطقة الحولة وسواحل لبنان الجنوبية
كانت غزة معبرًا مهمًا للتجارة والجيوش، لكن أوج ازدهارها كان في العصر المملوكي حيث استقرت بلاد الشام بعد تحريرها من الصليبيين، فقام الظاهر بيبرس ببناء مكتبة ضخمة شرق المسجد العمري الكبير ضمت عشرين ألف مخطوط، وأعاد بناءها مرة أخرى السلطان المملوكي قايتباي، ودعمها بالمخطوطات، وفي سنة 966هـ أقام بها العلامة عبدالقادر الغصين واتخذ بها مدرسة وزاوية، وهي الآن مقبرة. حيث أسكن الظاهر بيبرس التركماني الذي ينتمي الى قبيلة قيبجاق التركمانية في غزة التركمان بحي الشجاعية فيما عرف بحارة التركمان، كما استقر الأكراد في الشمال من هذه الحارة
وأصبحت غزة منذ ذلك العصر محطة رئيسة للحمام الزاجل الذي ينقل رسائل الدولة المملوكية، وكانت قبائل بني ثعلبة، وهي بطن من طيء القحطانية، تقوم بخدمة بريد الدولة المملوكية وتقدم الخيول لنقل الرسائل، واهتم بيبرس بعمارة غزة فأسس بها مسجدًا للشهيد علي أبو الركب في حي الزيتون، يعرف الآن بمسجد ومزار الشيخ أبو ركاب الذي توفي عام 661 هـ..وممن عمروا غزة في العصر المملوكي الأمير علم الدين أبوسعيد سنجر الجاولي، ولد سنة653 هـ وتوفي سنة754 هـ، الذي تولي نيابة غزة فعمر المدينة وشيد بها مسجدًا وحمامًا ومدرسة وخانًا وبيمارستانًا وملعبًا لسباق الخيل
ومع بدء حرب التحرير التي خاضها صلاح الدين بعد معركة حطين، ساهم التركمان، مثلهم مثل القبائل العربية والقبائل الكردية، على شكل قوات غير نظامية رديفة لجيش صلاح الدين، وبرز بينهم بصورة خاصة أبناء القبيلة الباروقية الذين ساهموا في الدفاع عن مدينة القدس ضد محاولات ريكاردوس ملك الإنكليز لاستعادة المدينة المحررة
ويعتبر القادة مظفر الدين كوجك (كوكبورو) أحد قادة صلاح الدين وزوج شقيقته، وهو أمير دولة الأتابكة في أربيل، والقائد يوسف زين الدين أمير أتابكة الموصل في شمال العراق، هم أسباب قدوم التركمان إلى فلسطين من خلال مشاركتهم لصلاح الدين الايوبي في معركة حطين، والقبائل التركمانية في مرج بن عامر، وكل قبيله تنقسم إلى سبع عشائر على الاقل اي لا يقل عن 49 عشيره كبيره
ويبدو أن عناصر من القبائل التركمانية وطنت في الساحل الفلسطيني بعد تحريره، وإن كنا لا تعرف على وجه الدقة في أي وقت أستوطنوا هذه المنطقة. لكن أعدادهم لم تكن قليلة، بدليل أن الظاهر بيبرس لما مر بمدينة غزة، سنة 661هـ/ 1263م، في طريقه إلى دمشق، أقر أمراء القبائل التركمانية في إمرتهم وخلع عليهم خلع التشريف، شأنهم في ذلك شأن إخوانهم من أمراء القبائل العربية التي كانت تقيم بمنطقة غزة، مثل قبائل العايد وجرم وبني ثعلبة، فيكون بذلك ألزم هؤلاء الأمراء بالقيام بالمهمات التي توكل عادة إلى أمراء العربان، كحفظ البلاد وسلامة الطرق والقوافل ونقل البريد وتوفير الدواب اللازمة له وجباية زكاة مواشي القبائل التي عرفت باسم العداد
وإن كانت خطوة الظاهر بيبرس في عام 666هـ / 1268م تدل على شيء، فعلى وجود التركمان في جنوب فلسطين في وقت سابق لقيام دولة المماليك، أي قبل معركة عين جالوت، وأنهم في المقام الثاني كانوا يشكلون عنصراً أساسياً من العناصر القبلية المقيمة بالمنطقة. وعندما حرر بيبرس مدينة يافا من الفرنجة نقل جماعات من التركمان إلى الساحل وأوكل إليهم أمر حماية البلاد،وكان اختياره للتركمان من دون غيرهم، بل تفضيلهم على أبناء القبائل العربية، دليلاً على الثقة التي يوليهم إياها، ودليلاً على ملاءمتهم لهذه المهمات أكثر من غيرهم
كانت لهم أدوار في تأمين الطرق والإمدادات اللوجستية وجباية الزكاة وتوصيل البريد، وأوكل إليهم بيبرس الدفاع عن يافا بعد تحريرها حسب المؤرخ ابن عبد الظاهر في كتابه (الروض الزاهر). ويقول المؤرخ ابن كثير: وقد تعرّض التركمان في الساحل (الذين وضعهم بيبرس) عام 670هـ /1272م في ناحية قاقون لغارة فرنجيّة، وقد قُتل عددٌ منهم ونُهبت ممتلكاتهم حسب ماورد في كتاب ، (البداية والنهاية) لابن الكثير ، وكتاب (السلوك لمعرفة دول الملوك) للمقريزي . وفي عام 695هـ / 1296م فرّ قوم من المغول يدعون العويراتية بقيادة احد زعمائهم (طزغاي) خوفا من القائد المغولي (غازان)، فأنزلهم الملك العادل كتبغا ساحل البحر المتوسط بين عثليت وقاقون وقد ذابوا واختلطوا بأهل البلاد حسب المؤرخ. المقريزي في كتابه (السلوك لمعرفة دول الملوك)
ومما يؤكد ذلك اختياره لجماعات من التركمان للإقامة بقاقون (الواقعة إلى الجنوب الغربي من طولكرم ) وعمارة قلعتها سنة 1267 .ولم يقتصر توطين التركمان في فلسطين على هاتين الناحيتين فحسب ,بل وضعوا أيضا في مختلف المناطق الساحلية التي تم تحريرها أيام الظاهر بيبرس التركماني من عثليث ونواحي قاقون في الشمال حتى غزة في الجنوب
وفي ولاية برصفد ضمن دولة المماليك وجدت قبيلة (جيبنى) التركمانية حول ضفاف نهر الأردن ، وتوطن قسم منهم في نواحي عكا في الزيب والمنوات والفرج وغباسية والمزرعة والداعوق ,حسب كتاب (جغرافيا وإدارة وسكان سنجق صفد في القرن السادس عشر) للمؤرخ هارولد رود متخصص أمريكي في شؤون الشرق الأوسط الذي سافر كثيرًا في جميع أنحاء العالم الإسلامي ودرس وأجرى أبحاثًا في جامعات ومكتبات في مصر وفلسطين وسوريا والأردن وإيران وأفغانستان وتركيا وأوزبكستان وكازاخستان.كانت العشائر الكردية والتركمانية في مملكة صفد في عهد المماليك تقف إلى جانب الطاعة في غالب الأحيان ، واشتركت كقوات مساعدة مع عساكر السلطة كالإغارة على عكا عام 663هـ / 1265م ، والخروج لقتال التركمان في شمالي بلاد الشام عام 783هـ / 1381م كما ورد ذكره في كتاب (السلوك لمعرفة دول الملوك) للمقريزي
وهذا يعني أن هناك تركماناً متوطنين وآخرين في الشمال ما زالوا على تركمانيتهم.كما دعا (شيخٌ) التركمان في صفد لمساعدته في هجومه على المدينة عام 807هـ ، ولكنْ ليس مِنْ دليلٍ في تلبيتهم ولقد أوصل التركمان الناصر فرج بن برقوق إلى دمشق اثر هزيمته ، وأفول نجمه في موقعه اللجون عام 814هـ /1411م حسب المؤرخ (ابن تغري بردي)
في حين أن هذه المواضع كانت خالصة للتركمان، لم يشاركهم فيها أحد، فإننا نجد أن العنصر التركماني كان ينتشر في مناطق أخرى من فلسطين، إذ جرت الإشارة إلى أن إحدى القبائل التركمانية المعروفة باسم قبيلة "جيبني" كانت تقيم في ريف مدينة صفد أيام الدولة العثمانية المبكرة. وبسبب كبر هذه القبيلة وكثرة أعداد أبنائها، فإن هؤلاء انتشروا في العديد من القرى الساحلية التابعة للواء عكا؛وأشارت المصادر إلى وجود هؤلاء التركمان في ست من القرى التابعة لهذا اللواء، وهي: الزيب؛ المنوات؛ أم الفرج؛ الغابسية؛ المزرعة؛ الداعوق
ينقل غوانمة عن ابن القلانسي أنّ سكان جنوب الأردن شكوا لظهير الدين طفتكين صاحب دمشق ما فعله الفرنج بهم ، فانتهز وجود أحد الأمراء التركمان ويدعى الاصفيد مع قواته وأهله ، فاقطعه وادي موسى ومؤاب والشراة ومنطقة البلقاء ، ولكن هاجمه الصليبيون ومزقوا قواته حسب كتاب (إمارة الكرك الأيوبية) للمؤلف يوسف حسن درويش غوانمة. أيْ أنّ التركمان عرفوا بلادهم، التي كانوا يستقرون بها قبيل تهجيرهم من قبل الصهاينة، قبل أن يُسْكِنهم الظّاهر بيبرس هذه الديار في مواجهة الغزوات الصليبية المتلاحقة على بلاد الشام، وخاصة فلسطين،فهم ممن شارك في تحرير البلاد من الصليبيين ،وهم ممّن ساهم في الحفاظ على حماية ثغور الاقصى قرون طويلة
في عام 1664م يذكر الرحالة الفرنسي الفارس( دارفيو) في مذكراته التركمان، وهم يعيشون تحت الخيام ويمارس بعضهم حياة البداوة ،ويتكلمون التركمانية والعربية بلغة خليطة، وقد كانوا يقيمون في الريف (دون تحديد لأماكنهم) .ويعيشون بشكل مختلف عن العرب ، وخيامهم بيضاء ، ويقومون بتجارة كل أنواع المواشي .وهم تركمان بلاد حيفا والذين كانوا ضمن سيطرة الأمير طرباي
ويذكر (دارفيو) : أن بعض أفراد من قبيلة – شيبني التركية ومقرها الأناضول استقروا في منطقة اللجون في حدود عام 1664 م كما ورد في كتاب (المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ بلاد الشام - تاريخ فلسطين). الظاهر بأنّ دارفيو اعتمد على ما أورده (رود) في أن قبيلة جيبني التركمانية تقيم في ولاية برصفد ، إنّ القبيلتين هما لمسمى واحد مع اختلاف اللفظ ،وجدت هذه القبيلة في العصر المملوكي ، وبقي امتدادها في العصر العثماني
ويورد إحسان النمر في تاريخه أنّه ضعفت صلة تركمان المرج بأمرائهم آل شهسوار في نابلس وانفرط عقدهم ، ففسدوا وكثر أذاهم وتسلطهم على القرى المحيطة بالمرج ، واعتدوا على جمال وذخائر حسين بك الشافعي متسلم لواء اللجون الذاهبة من جنين إلى عكا .لذلك صدرت الأوامر من والي دمشق بطرد التركمان من جبل نابلس فقام بطردهم على آغا النمر وحسين بك والشيخ علي المهاميط شيخ جنين فأجلوهم إلى جهات حيفا وطبريا ، ولا يزالون يعرفون بعرب التركمان وذلك عام 1106هـ / 1694م حسب كتاب"تاريخ جبل نابلس والبلقاء" للباحث إحسان النمر
وفي حوادث عام 1622م يذكر الخالدي أنّ الجمال التي كانت تحمل عازق الأمير فخر الدين المعني في الفاطور (بيسان) هي للتركمان وعرب آل فضل . وهؤلاء التركمان خلاف قومنا.وفي حوادث عام 1623م ، أغار خيّاله أحمد بن طرباي على تركمان نازلين على نهر المفشوخ وأخذوا جميع طرشهم كما زرد في كتاب (تاريخ الأمير فخر الدين المعني) للشيخ أحمد بن محمد الخالدي الصفدي.يظهر مما سبق أنّ أصحاب الجمال هم تركمان الجولان أو تركمان القريتين في حوران ، كما أنّ تركمان عكا لهم وجود في منطقتهم منذ العصر المملوكي نرى بأنّ للتركمان كانت لهم نفوذاً في جبل نابلس وما حول المدينة في زمن المماليك، حسث كانوا موزعين في أكثر من مكان ، وما قام به الولاة والحكام هو تجميع لهم في جهة حيفا هؤلاء تركمان حديثون جاءوا مع قومهم من شمال سوريا في القرن السابع عشر الميلادي،بينما وجود التركمان في هذه الديار كانت منذ القرن الثاني عشر الميلادي.وقد خرج التركمان في حملة عبد الله باشا النمر من دمشق إلى منطقة الكرك ، وهم كتيبة بقيادة الميرالاي مصطفى بك شهسوار الذي ظل ميرآلايا في نابلس واستوطنها
يذكر دفتر مفصل ناحية مرج بني عامر وتوابعها ولواحقها التي كانت في تصرف الأمير طره باي والذي يعود إلى سنة 945هـ / 1538م فجماعة تركمان سواحلي تابع ساحل عثليت الغربي وهم 32 خانة و4 مجردين ,وهذه الجماعات التركمانية تحرث وتزرع • مزرعة فريديس • مزرعة سبع • مزرعة حديثية وكانت قديماً حاصلات هذه المزارع مدمجة مع حاصل رسوم التركمان . ومن أهم زراعاتهم الحنطة والشعير وتربية الجاموس والماعز والأغنام حسب دراسة وتحقيق الباحثين (محمد عدنان البخيت ونوفان رجا الحمود).يذكر في دفتر مفصل لواء اللجون التركمان والذي يعود لعام 1005هـ / 1596م ،حيث ورد فيه:جماعة تركمان سواحلي خاصة أمير لواء اللجون كان مساكنهم قرب خشم النظار (النظر) وهم 39 أسرة وكانت تربَّى عندهم الجواميس ويرد في هذا الدفتر :مزرعة بيت ألفا بالقرب من تركمانان وهي عن تيمار محمد تابع جنين كما ورد في دراسة ضمن كتاب (دفتر مفصل لواء اللجون ) والتي ترجمت من العثمانية إلى العربية للباحثين (محمد عدنان البخيت و نوفان رجا السوارية) وقد ورد في كتاب (حوادث دمشق اليومية) عام 1162هـ / 1749م للباحث الحلاق البديري ، أن أغار أعوان الظاهر عمر شيخ طبرية على جمال سائرة من الشام ونهبوا أهلها وأخذوا مالها ، وذلك انتقاماً من والي الشام أسعد باشا الذي أمر جنده قبلاً بالإغارة على العرب والتركمان الذين في أرض الظاهر ونهبوهم وأخذوا مالهم وأغنامهم وقتلوا منهم جماعة ,كذلك ورد في أحداث عام 1164هـ أن هناك تركمان ينزلون أرض الغوطة وعندهم أغنام وماشية .فكان لهؤلاء التركمان ذكر منذ زمن فخر الدين المعني ، وليسوا بجدد على هذه البلاد . يظهر هنا بأنّ التركمان الذين نزلوا جبل نابلس زمن آل النمر أو مع آل النمر هم موجة ثانية من التركمان . فالموجة الأولى هم الذين وطئوا البلاد منذ حروب صلاح الدين مع الفرنجة واستقرارهم في زمن الظاهر بيبرس وينقل المؤلف محمد عزة دروزة في كتابه (العرب والعروبة في حقبة التغلب التركي ) عن الصباغ (ميخائيل نقولا الصباغ) في
كتابة تاريخ الشيخ ظاهر أنّ الشيخ ظاهر تولى طبريا سنة 1144هـ / 1739م وحصنها تحصيناً جيداً ، وكان يطلب من وزير صيدا التزامها بدعوى حمايتها من العربان لأنّ قبائل التركمان والصقر التي كانت منتشرة في هذه الأنحاء كانت تفرض إتاوة معينة على كل بلد وتنهب السابلة
هنا نجد بأنّ قبائل التركمان المذكورة في السياق هم تركمان طبرية وصفد والجولان،وليس تركمان المرج وساحل عتليت .ينقل الباحث الاستاذ محمود العابدي صاحب كتاب «أوابد من التاريخ» عن نعمان قساطلي الدمشقي المتوفى عام 1920م في كتابه الروضة النعمانية ، وعن القس أسعد أفندي منصور في كتابه (تاريخ الناصرة) إن موسى الحاسي والد عقيلة قد تزوج بامرأة من عرب التركمان الشقيرات وهي خضراء بنت مصطفى الشقيرات فولدت له صالحا ثم عقيلة
حيث ولد عقيلة في زمن عبد الله باشا في حيفا حيثما كان أبوه في خدمة المذكور ، وقد حكم عبد الله باشا في الفترة من 1818م – 1832م حسب كتاب (لبنان في عهد الأمراء الشهابيين) للباحث حيدر احمد الشهابي. هنا نجد المصاهرة هذه إن دلت على شيء فإنما تدل على ما لهذه العشيرة (الشقيرات) من منزلة ومكانة في نفوس الناس والولاة في تلك الفترة ، وهي مطلع القرن التاسع عشر الميلادي .ومن المعلوم أنّ خضراء هذه لها أخ يدعى مطلق وهو آخر شيوخ التركمان ، إذ لم يأت بعده شيخ في منزلته وقد عاش في القرن التاسع عشر ، وقد يكون امتد به العمر إلى مطلع القرن العشرين
وورد في كتاب (تاريخ أحمد باشا الجزار) للخوري حنانيا المنير أيضا الصقر وعربانهم بأنّ الجزار اعتمد على التركمان في حروبه مع المجاورين ومع الصقر بالذات ، وهذا ما أكسب التركمان منزلة مهمة بين فئات المجتمع ، مما دعا موسى الحاسي لمصاهرتهم في زمن عبد الله باشا الذي جاء بعد سليمان باشا العادل .وكان المتعاطي قضاء مصالح الجزار منذ ثَقُلَ مرضه إلى حين وفاته هو الشيخ طاها التركماني
وقد أمّر اسماعيل باشا الذي كان مسجوناً عند الجزار ، وقد حدثت اشتقاقات بين أعيان الأغوات فقتلوا الشيخ طاها وابنه وبعض أتباعه ، واشتعلت نار الفتنة بين الارناؤوط والتركمان والأرط والسكمان ومما يؤكد تركمانية عرب التركمان في فلسطين كما ورد في كتاب (امارة الكرك الايوبية ) للباحث يوسف حسن غوانمة الذي سلط الضوء في العلاقات بين صلاح الدين وأرناط ودور الكرك في الصراع الصليبي في الاراضي المقدسة, بأنّ من أمراء التركمان كان الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري يتزعم المماليك البحرية بالشام ، وكان الناصر يوسف قد منحه إقطاعاً في جنين وزرعين إكراماً له عام 655هـ
تُعد القدس مدينة عربية إسلامية، حيث شكل المسلمون فيها أغلبية ساحقة، استقر أغلب التركمان فيها في حي باب العمود، باب حطة وتشير السجلات إليهم باسم التركمان أو التركماني, والاسم الأخير هو اللقب الذي اتخذوه حفاظًا على هويتهم، وكان هو الشائع. تولى زعامتهم بالقدس شيخ دعي بشيخ التركمان ومن ابرز شيوخهم اسماعيل شيخ التركمان فقد تقلد التركمان وظائف عسكرية مثل مصطفى بلوكباشي بن الحاج نظير التركماني وعملوا في الطوائف الحرفية في المدينة فكان الحاج حسين التركماني شيخ طائفة الحياكين في المدينة سنة 1098ه 1687 م والحاج عثمان التركماني عمل في نفس الطائفة وكذلك ذكرت سجلات محكمة القدس الشرعية التركمان في قضايا اخرى كأن يكون أحدهم شاهدا أو في قضايا الضرب والمشاجرات وفي قضايا الارث الشرعي او المطالبة بنفقة لغياب الزوج فضلا عن ذكرهم في عقود الزواج
هنا لابد من ذكر بعض الحوادث التي تخص قبائل التركمانية الأوغوزية والتي وردت ضمن الأرشيف العثماني بما يخص بالتركمان وعاداتهم وتقاليدهم ونشاطهم التي كانت ومازالت مختلفة تماما عن عادات وتقاليد ونشاط الغجر - النور الذين سكنوا في فلسطين والأردن وكذلك في دمشق, ورد في الارشيف العثماني ضمن حوادث عام 1622م يذكر الخالدي أنّ الجمال التي كانت تحمل عازق الأمير فخر الدين المعني في الفاطور (بيسان) هي للتركمان وعرب آل فضل وهؤلاء التركمان خلاف قومنا, ويذكر أيضا في الأرشيف العثماني ضمن حوادث عام 1623م، أغار خيّاله أحمد بن طرباي على تركمان نازلين على نهر المفشوخ وأخذوا جميع طرشهم, وادي المفشوخ يخرج من جنوب قرية معليا وينتهي بالقرب من نهاريا في البحر المتوسط, يظهر مما سبق أنّ أصحاب الجمال هم تركمان الجولان أو تركمان القريتين في حوران، كما أنّ تركمان عكا لهم وجود في منطقتهم منذ العصر المملوكي
ورد في كتاب (قبائلنا ) للباحث احمد موسى الفسفوس الذي حيث نقل معلومات عن التركمان من كتاب (قبائل شرق الاردن ) للباحث فريدريك بك الباحث فردريك بيك في كتابه ”تاريخ شرقي الأردن وقبائلها” يقول ينسب التركمان نسبة للقبائل الرحل (قاراتا كالي) النازلة في ازمير شتاء وحول اسكي شهر صيفا وفي عام 1870م وبعد خصام بينهم رحلت بطون منها الى أضنة بتركيا ثم الى انطاكيا فحمص فدمشق والقنيطرة ثم الى حيفا وعام 1874م رحلوا إلى البلقاء ونزلوا قرية ام الرمان ومنحوا أرضا هناك ورجع قسم منهم الى تركيا ، وبقي في الاردن سبعون عائلة تقريبا منهم وفي عام 1925م رجع بعضهم إلى عين الحمر ، وعام 1930م قصد البعض منهم شرق الاردن وسكنها ، انتهى ومنهم جماعة في السبع بإسم الترك وكذلك في حيفا وغيرها وهم مسلمون طيبي المعشر كرماء ذوي نخوة ، وقد اختلطوا بالعرب من حولهم حتى تظن انهم من لحمة واحدة ودخلت في عشائرهم احلاف من العشائر العربية حولهم وهناك عشيرة الترك في السلط يقولون انهم من اصل تركي ممن بقي في السلط وماديا والكرك وغيرها
ويليام براون احد المستشرقين الذين زارو فلسطين في كتابه (اليهود) الذي طبع عام 1820 قارن بين خيام العرب التي تنسج من شعر الاغنام والماعز وبين خيام التركمان .. وقد ذكر ان خيام التركمان في فلسطين كانت بيضاء .. كما هي خيام الترك ويبدو ان ذلك كان قبل أن ينهب التركمان خيام عرب الصقر والتي سكنوها فيما بعد كما هو معروف لدى الجميع
كان استيطان بعض الفئات من تركمان الخوارزم في الساحل الفلسطيني في إبان سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب يؤذن باعتماد استراتيجيا جديدة تبناها فيما بعد سلاطين المماليك الأوائل من أمثال الظاهر بيبرس وخلفه المنصور قلاوون؛ فقد قام الظاهر بيبرس بتوطين جماعات من التركمان والأكراد في المناطق الساحلية الفلسطينية التي نجح في تحريرها من يد الفرنجة الغزاة، وأسكن فيها بعض هذه الجماعات لحماية البلدات التي حررها، مثل مدينة يافا وقلعة قاقون ونواحيها،وكان ذلك في سنة 1298 وكانت هذه المواقع المحررة كثيرا ما تتعرض لهجمات مرتدة من قوات الفرنجة في محاولة لإعادة احتلالها كما حدث في سنة 1271 عندما تعرض تركمان قاقون لغارة شنتها قوات الفرنجة أسفرت عن مقتل العديد منهم ونهب كثير من أملاكهم
إلا إن مخاطر الغارات التي كان يشنها الفرنجة لم تردع الدولة المملوكية،ولا المهاجرين من التركمان، عن الاستمرار في استيطان المناطق المحررة من أرض فلسطين، كما يظهر في الوثائق العثمانية من القرن السادس عشر والبيانات التي اشتملت عليها سجلات الضرائب العثمانية (دفتري مفصل) العائدة إلى هذا القرن؛فقد ورد ذكر لأربع مجموعات تركمانية كانت تقيم في مناطق الساحل الفلسطيني، وفي مناطق أخرى في نواحي لواء صفد في الجليل. وكشف لنا السجل العثماني في هذا السياق عن وجود تركمان كانوا يقطنون في جماسين الساحلية إلى الشمال من مدينة يافا، والتي تقوم عليها في هذه الأيام جامعة تل أبيب. كما اشتمل السجل على ذكر قبيلة تركمانية تحمل اسم "عرب حسين" في ناحية صفد
من خلال الكشف الذي يورده ابن شاهين الظاهري يتبين أن القبائل التركمانية كانت منتشرة في كل البلاد الشامية وأعالي منطقة الجزيرة من غزة في الجنوب حتى ديار بكر في أقصى الشمال الشرقي ,فعد منها 17قبيلة تركمانية كبيرة ,ومنها مايتفرع عدة بطون وقدر الظاهري طاقتهم القتالية 180,000 فارس تركماني .وهي أعداد ضخمة إذا ما قورنت بالطاقة العددية القتالية لكل القبائل العربية في الحجاز والجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق والتي كانت أقل من 70,000 فارس وخيال. تركز وجود التركمان في الوقت الحاضر في محافظة جنين حيث يزيد عددهم عن العشرة آلاف نسمة في المدينة ومخيمها فقط، ويقدر فخري التركمان وهو عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني سابقا بأن عدد التركمان يصل اليوم إلى أكثر 30 ألف نسمة موزعين على بعض المحافظات الفلسطينية وتحديدا جنين ونابلس وطولكرم وقطاع غزة
حتى أواخر العهد العثماني كان التركمان يحافظون على لغتهم التركية ويستخدمونها في حياتهم اليومية فيما بينهم، ولكن مع مرور الزمن اكتسب التركمان في فلسطين اللغة والعادات والتقاليد العربية، ومنذ بدايات القرن العشرين أخذوا يستخدمون اللغة العربية وكادت اللغة التركية تتلاشى من التداول، خاصة بين الأجيال الجديدة. وانخرط التركمان، في فلسطين وفي الشتات، كلياً في المجتمع الفلسطيني، وذابوا في البوتقة الفلسطينية، وعلى حد تعبيرهم فهم "لا يعرفون لهم وطناً إلا فلسطين"
انخرط التركمان في فلسطين، وجميعهم من المسلمين، في الحياة الوطنية ،ولا سيما في موضوع مواجهة مشروع الاستعمار الصهيوني الاستيطاني ،كما شاركوا في المواجهة الفلسطينية مع الانتداب البريطاني ،وتعرضوا كما تعرض اخوانهم وأشقائهم الفلسطينين إلى الطرد من بلادهم واللجوء الى الشتات ومصادرة اراضيهم وممتلكاتهم وتدمير قراهم وحرق مزارعهم من قبل الصهاينة الغاصبين
وتسجل أحداث ثورة فلسطين الكبرى 1936 ـ 1939 مشاركة التركمان مشاركة فاعلة بالثورة ،وقد كانت قرية "المنسي" ذات الغالبية التركمانية، إحدى مراكز الثورة في اللواء الشمالي من فلسطين. وفي حرب 1948 اجتاحت القوات الصهيونية قرى التركمان في فلسطين، ودمرتها بعد قتال عنيف بين المهاجمين وأهالي القرى.وقد سقطت " المنسي " بعد معارك حدثت ما بين 9 و13 نيسان / أبريل 1948 ،وتزامن سقوطها مع أغلب القرى المجاورة لها ،مما أدى الى تهجير أهاليها ومصادرة ممتلكاتهم ،وقد اتجه بعض تركمان فلسطين ممن نزحوا عنها عام 1948 إلى منطقة الجولان في سوريا، وكان بينهم تركمان العوادين الذين تربطهم مع تركمان الجولان روابط قربى ،وهناك صاروا يعرفون باسم " جماعة أبو نهار " .ثم تعرض هؤلاء للتهجير من الجولان ثانية في العام 1967 على أيدي القوات الإسرائيلية التي احتلت الجولان في حرب حزيران /يونيو 1967 . ( انظر،أقليات في الشرق الاوسط، تأليف فايز سارة أشار اليه الكاتب نصرت مردان في مقاله التركمان في الشرق الاوسط)
شارك التركمان فلسطين في ثورة الشعب ضد الاحتلال البريطاني في الثلاثينات بقيادة الحاج حسن منصور وكانت قرية المنسي منطلق الثورة بالاشتراك مع ثوار جنين، وكانت مقر قيادة عمليات مرج ابن عامر، واستشهد العشرات منهم وأسر الحاج حسن منصور وأعدم رمياً بالرصاص ولا يُعلم أين دفن. في حروب النكبة سقط عشرات الشهداء من التركمان مدافعين عن قراهم حتى نفذت ذخيرتهم، وهُجّروا من أرضهم إلى جنين والأردن والجولان وسوريا ولبنان، وشاركوا بقوة في صد الهجوم على جنين عام النكبة 1948م ، وكثيراً ما يشيد الناس بهم بعد صمودهم الأسطوري في ملحمة مخيم جنين من إبريل عام 2002م
يتمركز التركمان في مدينة جنين البطلة التي طوقتها القوات الصهيونية في 3 حزيران، يونيو عام 1948م ، بأربعة الآف جندي وقد صمد المدافعون عنها صمود الابطال ثم جاءت نجدة الجيش العراقي بقيادة الضابط عمر علي ( تركماني من مدينة كركوك) حيث تمكن بمساندة أهالي جنين من تحرير كافة أحياء المدينة التي دخلها جيش العصابات الصهيونية واندفع الجيش العراقي لمطاردة فلول القوات الإسرائيلية المتقهقرة ووصل إلى منتصف الطريق نحو حيفا قرب "المنسي"، البلدة البدوية التي يقطنها التركمان وهناك العديد من عدة الاحياء في مدينة جنين يسكنها التركمان وخاصة حي الألمانية ، وحي واد برقين وضاحية صباح الخير ، وخروبة ،ومنطقة المطار ، وهناك بلدات وقرى يعبد ، عرابة ، بير الباشا ، واد دعوق ،قباطية ، الزبابدة ، وقرية ابزيق ،وخربة غنام ، وخربة سبعين
ووقف هذا الضابط المغوار هناك لصدور الاوامر العسكرية اليه من قيادته العليا بعدم التقدم، وقد توفي البطل عمر علي وفي نفسه غصة لعدم استشهاده في فلسطين. ما زال في مدينة جنين نصب تذكاري ضخم لتخليد ذكرى الجنود والضباط العراقيين الذين استشهدوا في الدفاع عنها عام 1948، ( منهم 15 شهيدا تركمانيا من كركوك كانوا برفقة القائد عمر علي وكانوا يعرفون في كركوك ببيوت شهداء فلسطين) . كما قاد الضابط التركماني اللواء مصطفى راغب لواءً من الجيش العراقي في حيفا وأبلى بلاءً حسنا في دحر الصهاينة
ولعل أبرز وأعظم موقف تركماني أتجاه فلسطين هو موقف السلطان العثماني عبد الحميد من عرض تيودور هرتزل ( مؤسس الصهيونية السياسية) الذي قدم رشوة مالية ضخمة لقاء سماح السلطان لليهود بالهجرة الى فلسطين، ورغم مرور الإمبراطورية بظروف مالية صعبة جدا ، ألا أن السلطان العظيم رفض أن يبيع فلسطين للصهاينة قائلا للصدر الأعظم (رئيس وزراءه) : أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين المقدسة ، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، التي جاهدت في سبيلها، وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فأنهم يستطيعون أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليَّ من أن أرى أرض فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون.إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة". وكان هذا الرد هو واحدا من اسباب سقوط الامبراطورية العثمانية
ولكن هناك خلط بين القبائل العربية والتركمانية تقطن مرج ابن عامر في فلسطين التي انتقلت الى مرج بن عامر فهي ثلاثة قبائل حسب إدعاءات البعض يجب التأكد منها : تركمان العوادين أوغولرى وتركمان النغنغنية أوغولرى وتركمان الشقيرات أوغولرى ,حيث كان شيخ مشايخ القبائل التركمانية الشيخ مطلق آغا الشقيري التركماني الذي وقف مع القبائل العربية في رد الغزو القبائل المعادية على قبيلة عرب البنيها ومن ثم حمايتها من الهجمات ودخول القبائل التركمانية والعربية في تحالفات واحدة لصد العدوان والغزوات نتج عنه المصاهرات وزواج بين شباب القبائل العربية والتركمانية فأصبحت القبائل تعرف بعرب التركمان أبناء مرج ابن عامر(طبعا يلزم التوثيق من المصادر) ؟؟؟..كما ادخل التركمان تقنيات حديثة من اسلوب حياتهم في الزراعة والري وبناء الخيم الى مرج ابن عامر وأثروا حياة البداوة القائمة هناك في الاصل. بعض هؤلاء التركمان هم من سلالة المقاتلين التركمان القدماء ، وبعضهم من عشائر عربية مهاجرة سكنت بجوار قرى التركمان وتحالفوا معهم ونُسِبوا إليهم وصاروا يُعرفون بعرب التركمان التي انتظمت كلها في حلف عشائري تركماني وعربي عريق لذلك يحتاج الأمر الى التدقيق والتفريق بين القبائل والعشائر التركمانية عن القبائل والعشائر العربية المكونة لهذا الحلف ؟؟.وجميع التركمان في فلسطين اليوم استعربوا تماماً وأصبحوا فلسطينيين مسلمين دون التفريق بينهم وبين العرب والأكراد والشركس وغيرهم
ويذكر أن الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة الاردنية الهاشمية قد استقبل وفداً من حكومة عموم فلسطين من ضمنه وفد من هذه القبائل وعندما تم تعريفه بأعضاء الوفد وكان مهم شيخ من تركمان النغنغية قال: ان النغنغية اسم ليس عربياً.هذه مداخلة لن هناك من يخلط بين عرب البنيها الموجودين أصلاً في مرج ابن عامر ويتمركزون في قرية المنسي وما حولها وبين القبائل التركمانية الاصل الى وصلت الى مرج ابن عامر ودخلت في حلف ومصاهرة معها
وحسب المصادر التاريخية فان القبائل التركمانية الأساسية السبع كانت مع نهاية القرن التاسع عشر تسكن حيفا ومرج بن عامر وقد انتظمت هذه القبائل في مجلس عشائر تم تشكيله في العام 1890م لكل واحد من شيوخ العشائر أن يكون عضواً فيه وفق شروط معينة. فتجمع أبناء عشائر عرب التركمان مرج ابن عامر قضاء حيفا شكلت تلك القبائل والعشائر وعلى مدار تاريخ فلسطين كتله اجتماعيه مترابطه ووحده عشائريه متجانسه متكافئه وتتوزع مضاربها على القرى التاليه لد العوادين ابوشوشه المنسي ابوزريق الغبيات (الغبيا التحتا) (الغبيه الفوقا) (النغنغيه)
بالاضافه الى تنقلهم وتواجدهم وتملكهم في القرى التاليه :برة قيساريه و قيرةوخربة السركس و كركور وعرعره الصفصافه والمراح وبردس حنا
وثائق الإحصاء العثماني في عام 1322 هجري الموافق عام 1905- 1906 .. من دفتر نفوس قبائل مرج ابن عامر ...نفوس حمائل ( عشيرة التركمان ) ١- حمولة الطواطحه من عشيرة التركمان وشيخهم محمد الحاج الحميدي المشارفه ٢- حمولة بني سعيدان من عشيرة التركمان وشيخهم حسين ابن محمد الخطيب ٣- حمولة النغنغيه من عشيرة التركمان وشيخهم . فياض بن محمد المصطفى ٤- حمولة الشقيرات من عشيرة التركمان وشيخهم محمد العلي وعليها بصمة علي المطلق ابن مطلق الشقيري ٥- حمولة بني غره من عشيرة التركمان وشيخهم صالح الحواشين . وبالنسبة لعمامنا حمولة الضبايا فقد تم احصائهم مع بني غره لانه (حسبَ ما ذُكر) انهم كانو حموله واحده حتى الأربعينات ومن ثم أصبح لهم مختار لوحدهم . ( تم اضافة وثيقه عليها توقيع وختم مختار حمولة الضبايا رحمه الله . ٦ - حمولة العوادين من عشيرة التركمان وشيخهم اسعد قاسم اليعقوب ٧ - حمولة العلاقمه من عشيرة التركمان وشيخهم عبدالغني الزراق .
ووفقا للإحصاء البريطاني عام 1922م بلغ عدد التركمان في إطار فلسطين التاريخية نحو 2951 نسمة ينتمون إلى سبع عشائر أساسية ولكن تبقى هذه الاحصائية قديمة فالعدد الحالي للتركمان أكثر بكثير وحسب الاحصائيات 2011 بلغ عددهم اكثر من 156 الف نسمة حيث أجمع شيوخ تركمان فلسطين في القرن العشرين على أن القبائل التركمانية في فلسطين هي
تركمان الشقيرات أوغولرى 403 نسمة*
تركمان الطوالحة أوغولرى 301 نسمة*
تركمان النغنغية أوغولرى 272 نسمة*
تركمان سعيدان أوغولرى 517 نسمة*
تركمان الضبايا و تركمان غرة أوغولرى 287 نسمة*
تركمان العراقمة أوغولرى 125 نسمة*
تركمان العوادين أوغولرى 402 نسمة*
تركمان حديدون 48 نسمه*
تركمان الصفصاف 31 نسمة*
تركمان غزة 52800 نسمة حسب الاحصائيات الحديثة عام 2011*
تركمان الغابة 522 نسمة*
تركمان قيسارية 193 نسمة*
علما بأن كلمة أوغولرى معناها في اللغة التركية بني أو أولاد عشيرة او قبيلة على سبيل المثال شقيرات أوغولرى أو سعيدان أوغولرى أي بني شقيرات او بني سعيدان وهكذا وكل قبيلة من القبائل التركمانية تتفرع إلى عدة عائلات او أفخاد منها
عشيرة تركمان سعيدان اوغولرى وتتفرع الى البطون التاليه* آل إبــداح - ال الـفرحـات آل مــوسـى - آل الـســاري آل الــفــاري - آل الجندي آل البدور - آل المنصور تسكن هذه العلائلات في المرج وتحديدا قضاء المنسي الى جانب العلائلات من آل الخطيب وآل الجندي وآل نوفل ,معظمهم يسكنون الان في وادي الريان (اليابس) سابقا وفي اربد وفي عمان وفي سحاب
- عشيرة تركمان غـوادره أوغولرى (آل ذوالقادر)- تعود أصل عشيرة الغوادرة التي حرفت اسمها من التركية ذولقادرأوغلولري الى العربية الـغـوادره الذين هم من احفاد الامير ذوالقادر التركماني (ذولقادرأوغلولري- بنو ذو القدر) امارة ذولقادر أوغلولري التركمانية التي كانت تحكم جنوب تركيا الحالية*** (مالطية/مرعش /عينتاب/ ذو القدرلي ومدن اخرى , حيث أن بنو ذو القدرهم سلالة من أمراء الأناضول خلال الفترة الثانية، حكموا خلال أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر. ظهرت هذه الإمارة بعد اضمحلال قوة سلطنة سلاجقة الروم. كانت عاصمة هذه الإمارة البستان، ضمن مقاطعة مرعش التركية.امتدت سيطرة هذه الإمارة في أوجها من منطقة تمتد من كيرشهر إلى الموصل، ومع صعود قوة العثمانيين أصبحت هذه الإمارة تشكل منطقة عازلة ما بين العثمانيين والمماليك. ضمت إلى الدولة العثمانية في أوائل القرن السادس عشر. حافظت هذه الإمارة على علاقة طيبة مع العثمانيين عن طريق الزواج، حيث تزوجت العديد من أميرات هذه الإمارة بأمراء وسلاطين الدولة العثمانية.حتى قضى عليها السلطان سليم العثماني حيث كان جدة لامة اميرها وقتلة وهرب وتفتت اخوالة الامراء الغوادرة وعشيرة الغوادرة في فلسطين هم من نسل أحفاد أحد هذه الامارة التركمانية التي كانت إيالة ذو القدرالتركمانية إحدى إيالات الدولة العثمانية والتي تغطي اليوم أجزاء من أراضي تركيا وتم إنشاء هذه الإيالة في عهد السلطان سليمان القانوني
آل الخـطـيـب - آل الحويطي ( الزواتين ) آل ياسين - ال نوفل ال سلوم آل ابو الرب عشائر تركمانية مستقله وهي* عشيرة تركمان الشحرور و عشيرة ابوهيكل* عشيرة تركمان شقيرات أوغولرى وتتفرع الى العشائر و البطون التاليه* - عشيرة تركمان العراعره - عشيرة الحشكي* آل الفواعير - آل السكران آل الصقورابناء صقر الفارس - الجواليل ومنهم ابوقران عشيرة تركمان الطبيشات - عشيرة تركمان الزقارطه* و آل العياط ال ابو شامه آل السمر آل العبداوي الرمالي آل فاضل آل ابوجريس الصباح و ابو ركبه و آل مبدى و آل يونس الحمدان و آل السرساوي و آل العريبي و آل الكرعوش و آل جسيم و آل الاشقر و آل طعمه و آل الزقطه آل الفروج الخلوف و آل الذيابات و آل الخمايسه و آل المصالحه عشيرة تركمان علقمه أوغولرى وتتفرع الى البطون التاليه* تركمان علقمة أوغولرى هم اليوم قبيلة تنتمي إلى قرية المنسي في فلسطين وتحوي بطونًا وأفخاذًا كثيرة فروعهم تركمان آل قطيش الوحش وينقسمون إلى 4 أقسام آل إبراهيم قطيش الوحش حيث تعد الوحوش من أكبر بطونها وتضم آل خليل. آل شامي قطيش الوحش. آل معمر قطيش الوحش. آل زراق قطيش الوحش. آل حجات. آل الكردي. آل أبي صويص. آل أبي رميلة. آل المطلق. آل الفروج. آل الغزاوي. آل أبو صليعان. آل ريما. آل السويلات. آل النصيرات. آل مفضي. آل مصبح. .آل حمود وال دهيبش و آل عبدالحافظ و آل عبد الغني .آل ابو رميلة - ال الحجات. . آل ابو جوهر- الكردات . آل المطلق هناك عائلة كبيرة من تركمان عائلة المطلق من تركمان الجولان السوري. عشيرة تركمان الطواطحه أوغولرى او تركمان ابوزريق أوغولرى وتتفرع الى البطون التاليه* الفواضله - آل الجوابره آل الشواهين - آل المشارفه الغمامزه - آل ارشيد (الغيوث) آل الشحادات- آل العربليه آل الغبابشه آل عقل و آل السعد وال الشوباش و آل الشعيبات و آل مصلح و آل ابوشومر و آل القيروط و آل ابومطر والنعمان و آل صالح و آل بخيت والجنيد و آل ابونسب و آل ابو ربيع عشيرة تركمان النغنغيه أوغولرى وتشمل على البطون التاليه* آل الفياض ومنهم المصري - آل الحروب آل بلادي - آل المحسن آل الفرات و يتفرع منها مفضي . الشيخ خضر . مقبل . الاحمد آل الكحلة و آل النبهان و الكوايده عشيرة تركمان غره أوغولرى و تركمان ضبية ( الضبايا ) وتشمل نالبطوان التاليه* عشيرة تركمان العامر – عشيرة تركمان الحواشين عشيرة تركمان الفراسين - عشيرة تركمان البعاجوة عشيرة تركمان الحجيجي – تركمان الصلاحات تركمان آل ابو باجة تركمان الزاغات - ابو فرجة تركمان القطنات – تركمان الخيرااللات تركمان آل الكرايمه – تركمان آل الشرعان تركمان آل الهندي – تركمان آل السحاب تركمان آل الدحبور – تركمان آل الزيادنه تركمان آل بلال – تركمان آل الرباحات تركمان آل الحميد عشيرة تركمان العوادين أوغولرى الكثيرون من أبناء هذه العشيرة يفتخرون بتركمانيتهم وأصولهم التركمانية ولكن هناك القلة يدعون بأنهم ليسوا من عشائر التركمان وينسبون أنفسهم الى العشائر العربية هذا الادعاء ولكن يلزم التحقق من المصادر التاريخية ؟؟؟ وتتفرع الى البطون التاليه* تركمان اليعقوب تركمان الزريقات تركمان العبطات تركمان السمور وكذلك تركمان ال الحماد و تركمان ال شهاب و تركمان ال ابو خضره و تركمان ال قطيش عائلة ابو خرمة و تركمان عائلة الحسن و تركمان الخضرات ، وتركمان الحسن ، وتركمان زين العابدين ، وتركمان الطيار، وتركمان العواتيق ،وتركمان العراقي ، وتركمان المطلق، و تركمان عائلة النواصره
لا توجد إحصاءات حديثة ودقيقة عن عديد التركمان الفلسطينيين في الشتات، إلا أن بعض التقديرات تفيد بأن عددهم في الأردن يناهز المائة وخمسين ألفا، يسكنون بشكل أساسي في مخيمي البقعة والوحدات ومدينة اربد وفي بعض مناطق الغور
وتوثيق كتاب "العائلات الغزية في سجلات النفوس العثمانية" الذي جميع أسماء عائلات مدينة غزة في الفترة ما بين عامي 1903 - 1915، التي وثقتها سجلات النفوس العثمانية وأسماء العائلات التي كانت تسكن مدينة غزة هو أمر في غاية الأهمية، "لأن هذا إثبات أن هذا البلد له سكان يقيمون فيه منذ زمن، والأرض ملك لسكانها"، منوهًا أن سلطة الاحتلال البريطاني أخفت هذه السجلات قرابة المائة عام بعد احتلال فلسطين، حتى تمكن باحثين فلسطينيين من الحصول على نسخة منها.يوضح علي الغفري، معد الكتاب،، أن عدد السجلات العثمانية التي تخص فلسطين بلغت 463 سجلاً موزعة على ألوية فلسطين الستة، 42 سجلاً منها خاصة بلواء غزة، و27 سجلاً خاصة بقضاء غزة، منها 16 سجلاً لتعداد السكان؛ فقدت ثلاثة منها وتعود لسكان حي الجديدة (حي الشجاعية حاليًا). أما عدد العائلات التي كانت تسكن مدينة غزة في تلك الفترة فبلغ 1159 عائلة، عدد أفرادها32987 فردًا موزعين على 4080 أسرة من العرب والتركمان
وحسب المصادر التاريخية فان القبائل التركمانية الأساسية السبع كانت مع نهاية القرن التاسع عشر تسكن حيفا ومرج بن عامر وقد انتظمت هذه القبائل في مجلس عشائر تم تشكيله في العام 1890م لكل واحد من شيوخ العشائر أن يكون عضواً فيه وفق شروط معينة.أما العشائر التي كانت تسكن المرج فهي
تركمان العوادين أوغولرى .*
تركمان الشقيرات أوغولرى سكنت قرية أبو شوشة.*
تركمان الطوالحة أوغولرى سكنت قرية أبو زريق.*
تركمان العلاقمة أوغولرى سكنت قرية المنسي.*
تركمان ابن سعيدان أوغولرى في قرية المنسي.*
تركمان الضبايا أوغولرى سكنت قرية المنسي.*
.تركمان غرة أوغولرى سكنت قرية المنسي.*
ومن المخطوطات الهامة التي تؤكد وجود التركمان في فلسطين نجد في مخطوطه كتاب تاريخ الشيخ ظاهر العمر الزيداني ( 1695 - 1775) والذي عين حاكما لعكا وبلاد الصفا في عام 1705 إلى تاريخ وفاته عام 1775 . ان عربان التركمان وعربان الصقر كانو خارجين عن سيطرته وأنهم كانو ياخذون العوايد من القرى في منطقة عكا ..( جاعلين لهم عوايد ) وينهبون القرى التي تتخلف عن دفع الخاوه مقابل حمايتها من غزوات العربان .هنا نجد بأن كلمة عرب إستخدمت لوصف قبيلة الصقر وقبيلة التركمان وذلك لأنهم كانو يعيشون حياة البداوه وليس لها علاقه بمن هم عرب أو تركمان او أكراد من جهة العرق .
في السالنامه العثمانيه لولاية بيروت( وهو كتاب سنوي يصف حال الولايات العثمانيه ويرفع إلى الباب العالي في اسطنبول ) لعام 1324 هجريه . 1906 / 1907 ميلاديه . ومنها قضاء حيفا وردت اسماء القرى التابعه للواء ولم تذكر قرى التركمان في مرج ابن عامر في ذلك الوقت لأنها لم تكن قد تشكلت ولم ينتقل إليها التركمان بعد . وعند التدقيق في الإحصاء العثماني لعام 1322 هجري 1904 . يتبين ان التركمان كانو يعيشون معا كعشيره واحده تتكون من سبعة حمايل وتسكن ناحية شفاعمرو . حسب دفتر إحصاء نفوس تركمان المرج رقم 416 بين شفا عمرو وعبلين واسم منطقتهم مرج التركمان . اي شمال غرب مرج بني عامر ويتبعون ناحية شفاعمرو/ سنجق عكا.ويسكن بعضهم كعشائر حول قيساريه وورد احصائهم مع إحصاء نفوس قيساريه .وقد انتقلو فيما بعد إلى جنوب شرق خط الحديد الحجازي في المنطقه بين قرية المنسي شرقا وقرية ابو زريق غربا بعد عام 1904 ( تنفيذا لسياسة الدولة العثمانيه باسكان قبائل التركمان قريبا من خط الحديد الحجازي من أجل حمايته ) وهاذا على الأغلب ما جعلهم يحصلون على سندات الملكيه الطابو وهم الوحيدون الذين استملكو الاراضي في مرج ابن عامر .ولم تحصل اية قبيلة أخرى على هاذا الحق في مرج ابن عامر
تركمان الخوارزم يستوطنون فلسطين
وبعد مضي ما يزيد على نصف قرن من التحرير الصلاحي لمدينة القدس والأجزاء الداخلية من فلسطين، عادت هجرة الترك ذات الطابع العسكري إلى الظهور من جديد. وكان أبطال هذا النوع من الهجرة صنف آخر من أتراك بلاد ما وراء النهر،وكانوا يقطنون قبل وصولهم إلى فلسطين في منطقة خوارزم في أسيا الوسطى، فنسبتهم حسب مصادرنا إلى هذا الإقليم وعرفوا به فالخوارزمية أحد أفخاد الأتراك تقع بلادهم ما وراء بخاری داخل السهوب القارية الآسيوية، يعيش أهلها عيشة أهل البراري والقفار يعود تاريخ وصولهم إلى فلسطين إلى سنة 642هـ/ 1244م، أيام سلطنة الملك الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل وكان سبب وصولهم إلى فلسطين، كما مر في الفصل الثاني أعلاه،حين استدعاهم الصالح أيوب لمساعدته في التصدي للتحالف المعادي له، والذي قاده عمه الملك الصالح إسماعيل ملك دمشق ضمن محاولاته لعزله عن كرسي السلطنة في مصر، وكان تركمان الخوارزمية فروا أمام زحف التثار واتجهوا غرباً إلى أن قتل ملكهم واندثر ملكهم، فاستعان بهم ملوك السلاجقة في آسيا الصغرى (سلاجقة الروم) وأدخلوهم في عساكرهم وكان الصالح أيوب آنذاك نائباً عن أبيه الملك الكامل في البلاد الشرقية ،آمد و حران وحصن كيفا. فلما استغنى الملك السلجوقي عن خدمتهم استأذن الصالح أيوب أباه في استخدامهم فأذن له، فصاروا منذ ذلك التاريخ (634هـ/ 1236 -1237م) حلفاء، بعد أن منح قادتهم الإقطاعات في منطقة ديار بكر، ووفاء لهذا التحالف لم يتردد الخوارزمية في الاستجابة لنداء الصالح أيوب من أجل موافاته في مصر لنصرته ضد تحالف أبناء عمومته وفرنجة عكا لعزله عن السلطنة
بعد أن سحق الملك الصالح نجم الدين أيوب أعداءه بمساعدة فرسان الخوارزمية، وبعد أن دانت لسلطانه بلاد الشام، نكث بالوعود التي كان قطعها على نفسه باقتسام المناطق التي يتم تحريرها معهم، وبدلاً من ذلك أقطعهم بعض المناطق في محيط مدينة دمشق، إضافة إلى المناطق الساحلية المحررة في فلسطين، وكان ذلك سبباً في خيبة وأعالي منطقة الجزيرة، من غزة في الجنوب حتى ديار بكر في أقصى الشمال الشرقي، فعد منها سبع عشرة قبيلة كبيرة مع ما يتفرع منها من بطون وبعد أن تمرد تركمان الخوارزمية ضد مولاهم وحليفهم الصالح أيوب، خرج جيش السلطان فقضى على تمردهم وفرق شملهم. كان عدد الخوارزمية الذين وصلوا إلى فلسطين يناهز 10,000 فارس، وبعد هزيمتهم عاد قسم منهم إلى منطقة الجزيرة، في حين أن أعداداً لا يستهان بها منهم استقرت بنواح متعددة في منطقة الغوطة قرب دمشق، وبمناطق أخرى في فلسطين في المناطق الساحلية، وبمناطق نابلس والغور ووادي عربة وشرقي النقب
وقد بينا أهمية الدور العسكري الذي قام به الخوارزمية في تحرير مدينة القدس التي كان قادة التحالف الأيوبي سلموها للفرنجة، وما أعقب ذلك من الهزيمة الكاسحة التي ألحقوها بجيش الفرنجة في معركة هربيا قرب مدينة غزة، ثم دورهم في سقوط مدينة دمشق وعودتها إلى سلطة الصالح أيوب
الأوبراتية والهجرات المغولية
إلى جانب النتائج السياسية التي أحدثها الزحف المغولي نحو الغرب، والتي تمخض عنها زوال المماليك التركمان والنظم الحاكمة في مشارق العالم الإسلامي بدءاً بشبه القارة الهندية حتى بلاد القفقاس، فقد أدى إلى حدوث زلزال ديموغرافي في آسيا المركزية وممالك المسلمين الأخرى. وكان من أبرز نتائج هذا الزلزال اقتلاع الشعوب ذات الأعراق والأجناس المتعددة من مواطنها الأصلية واتجاهها نحو الغرب قراراً من طغيان الزحف المغولي الهائل
فكان من تداعيات هذا التحرك تغلغل المجموعات العرقية المتنوعة إلى داخل الإمبراطورية الأيوبية ثم المملوكية التركمانية، فرأينا الهجرات التركمانية المتتالية إلى داخل بلاد الشام، وكيف تأثرت فلسطين بهذه الهجرات. ثم أعقب ذلك من هجرة مجموعات تركية وكردية أصغر حجماً وأقل شأناً كهجرة الشهرزورية وتركمان الخوارزم
وبعد أن توقف المد العسكري المغولي في عين جالوت على أرض فلسطين،واستقر الحكم المغولي في بلاد المشرق خارج حدود منطقة الجزيرة وبلاد الشام، جاء دور التغلغل المغولي نفسه عن طريق هجرات طبيعية سلمية، للأفراد أولاً ثم للمجموعات بعد ذلك
وقد حدث هذا التطور منذ الأيام الأولى التي أعقبت انتصار المسلمين في عين جالوت وقيام دولة المماليك التركمان على أنقاض الدولة الأيوبية في مصر ويلاد الشام .أطلقت المصادر العربية، التي أرخت للحقبة المملوكية التركمانية، على هذه العناصر المغولية المهاجرة اسم الوافدية أو الوافدين، وسمتها في مواضع أخرى باسم المستأمنة أو المستأمنين، وهي أوصاف اصطلاحية تعكس طبيعة هجرتهم ودافعها، لأنهم في غالب الأحيان إنما جاؤوا بحثاً عن ملجأ آمن يحميهم من أخطار تهددهم، وقدمت جماعات أخرى منهم بحثاً عن بلاد خصبة تؤمن لهم لقمة العيش بعد أن ضربت المجاعات بلادهم. وبالمقارنة بين الوافدية من التتار وغيرهم من الأجناس التي هاجرت واستقرت بفلسطين أيام الدولة المملوكية، حظي هؤلاء بمكانة أعلى في نظر السلطة الحاكمة قياساً بالمكانة المتدنية التي انحط إليها التركمان أو الشهرزورية أو الخوارزمية
وانعكس ذلك في سماح السلاطين لكثيرين من زعماء التتار الواقدية بالإقامة بالقاهرة مقر السلطنة ومنح بعضهم الإقطاعات في مصر، وفي انخراط أعداد منهم في أجناد الأمراء، وارتقاء بعضهم الآخر في الوحدات الخاصة للسلطان، أي ما عرف باسم جنود الحلقة، وكانت نقطة الضعف الوحيدة التي كانوا يعانون جراءها أنهم كانوا أحراراً ولم يقع عليهم الرق، أو كما تصطلح المصادر «لم يمسهم الرق». وكان هذا الشرط لازماً في نظام المماليك لنيل الرتب العالية في الجيش، أو لتسلم المناصب الحكومية الإدارية رفيعة المستوى
بدأت هجرات المغول أيام سلطنة الظاهر بيبرس، وكانت تأتي تباعاً على شكل مجموعات صغيرة يزداد عددها باطراد. وكانت أولى هذه المجموعات مجموعة مكونة من 200 نفر معظمهم من النساء والأطفال وصلوا سنة 660هـ/ 1261 - 1262م.وكانت هذه المجموعات ضمن مجموعة كبيرة من التتار كان أرسلها الملك المغولي بركة خان نجدة إلى هولاكو، فلما نشب الخلاف بينهما، أمر بركة خان رجاله بترك معسكر هولاكو والعودة إلى وطنهم، وأشار عليهم أن يدخلوا حدود دولة المماليك إذا ما تعذرت عليهم العودة إلى بلادهم
فحدث ما توقعه الملك بركة خان ولم يستطع كل رجاله العودة إلى أماكنهم الأولى، فانحازت هذه الفئة الصغيرة ودخلت أرض دولة المماليك. وبسبب العلاقة الحميمة التي سادت بين بركة خان، الذي أعلن إسلامه وتمرد على الملك المغولي الكبير هولاكو، وبين الظاهر بيبرس، فقد قام هذا السلطان باستقبال هذه الفئة المهاجرة بنفسه، ومنح قادتها رتبة الإمرة في عسكره، وضم المقاتلين بينهم إلى فئة المماليك البحرية، مماليك السلطان، فكان لهذه اللفتة السلطانية مردود إيجابي تفشى في أوساط المغول، فتشجعت مجموعات أخرى على الهجرة إلى بلاد المماليك التركمان
وفي السنة التالية، سنة 1262، قدمت مجموعة أخرى من الفرسان التنار الاتراك يناهز عددها 1300 فارس، عرفوا باسم الوافدين البهدرية، نسبة إلى اسم زعيمهم. وفي السنة الثالثة، سنة 1263، وصلت مجموعة ثالثة، وكانت خليطاً من الفرسان التتار قدموا من جهة شيراز بقيادة سيف الدين بكلك، ومعهم مجموعة من الخوارزمية ،أتراك خوارزم، يقودهم المقدم الخوارزمي إكتبار بك، أحد كبار موظفي الملك الخوارزمي الراحل جلال الدين ابن خوارزم شاه، وكان يرافقه عدد من أمـراء تركمان الخوارزم الذين كانوا في العراق على رأس فرسان من تركمان بغداد
ومن اللاقت للنظر أن هذه المجموعة من الوافدية كانت تضم بعض أمراء القبائل العربية من أهل العراق. وفي سنة 1276، وصلت موجة من الوافدية من تركمان آسيا الصغرى وبلاد الأناضول قدر عددها بـ 3000 فارس، قام الظاهر بيبرس التركماني باستيعاب هؤلاء المهاجرين من الوافدية في مملكته، لكنه ميز بين فئة عرفية وأخرى، ففي حين وطن العناصر التركمانية من تركمان الخوارزم في سواحل فلسطين المحررة من أيدي الإفرنج، فإنه استوعب فرسان التتار (التتار هم أحد أعراق الاتراك لغتهم تركية ) وعائلاتهم في القاهرة وضمهم إلى عسكره
كانت أكبر الهجرات التتارية التي حلت بأرض فلسطين هي هجرة سنة 695هـ/1296م، بعد أن كان تحرير فلسطين وبلاد الشام من الاحتلال الصليبي قد استكمل في عهد السلطان كتبغا. وكانت هذه المجموعة تنتمى إلى جنس القلمق أو الأيرات ،وأطلقت عليها المصادر اسم التتار الأويرانية. بلغ عدد فرسان هذه المجموعة 18,000فارس، وفي بعض الروايات 10,000 فارس، معهم عائلاتهم وذرياتهم. ووفقاً للمعطيات الإحصائية لعدد أفراد الأسرة النووية الواحدة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، يمكن تقدير عدد المهاجرين في هذه الدفعة بما يتراوح بين 50,000 و90,000 نسمة تبعاً لاختلاف الروايات في تقدير عدد الفرسان القادمين
ولما وصلت هذه المجموع إلى فلسطين استوطنت السواحل الفلسطينية المحررة حديثاً، في ساحل عثليث وناحيتها، بينما تذهب روايات أخرى إلى القول إن توطينها كان في قاقون وناحيتها،وإن بعضها استوطن منطقة البقاع بمحاذاة الجليل الأعلى. واستدعى السلطان كتبغا مقدمي هؤلاء المهاجرين ورؤساءهم إلى القاهرة حيث تم لقاؤهم والترحيب بهم من جانبه
والجدير بالذكر أن مغول هذه الهجرة لم يسمح لهم بدخول المدن، فلما شارفوا ضواحي دمشق منعوا من دخولها، ومنعوا حتى من التسوق من أسواقها،فكانت تقام لهم الأسواق خارج أسواق المدينة في الخلاء. وإن دلت هذه الخطوة على شيء فعلى الهدف من استقدام هذه الهجرة، إذ تم تجميع كل أفرادها في الساحل الفلسطيني حيث تم استيعابهم وتوطينهم ليملأوا الفراغ السكاني الذي نشأ عن رحيل الفرنجة الصليبيين
وتؤكد المصادر السرعة التي تم اندماج أفراد هذه الهجرة في السكان المحليين في الساحل. وتوقف بعض الروايات عند الإشادة بجمال نساء التتار الأويراتية الفائق، إذ تسابق الأمراء وأصحاب اليسار إلى الزواج ببناتهم، ولعل ذلك كان أحد أسباب سرعة اندماجهم في أهل البلاد
لم تنقطع هجرات المغول بعد هذه الهجرة الكبرى، لكنها كانت هجرات أقل عدداً، إذ لم تكن تتعدى بضع مئات في كل واحدة منها. وقد ذكر منها هجرتان في القرن الثامن الهجري، الأولى سنة 704هـ/ 1304 - 1305م، والثانية سنة 717هـ/1317 - 1318م، وكانت الهجرة الثالثة في النصف الأول من القرن التاسع، سنة841هـ/ 1437 - 1438م، في عهد السلطان جقمق، إذ تعرضت بلاد المشرق لقحط ومجاعة مهلكة، فأمر السلطان حكام الولايات الشمالية بالسماح لموجات المهاجرين بعبور الحدود ودخول أرض المملكة
حيث يتركز وجود عشائر وعائلات التركمانية في فلسطين في محافظة جنين، وقراها، حيث يزيد عددهم عن 15 ألف نسمة في مدينة جنين، ومخيمها فقط، فالتركمان موزعين على بعض المحافظات الفلسطينية، وتحديدا جنين، ونابلس، وطولكرم، وقطاع غزة، حيث يعرفون هناك “بعشائر الشجاعية التركمان ”. ورد في موقع (المصدر السياسي) الفلسطيني، معلومات مهمة عن التركمان في فلسطين قد لا يعرفها الكثيرون ،حيث تبين أن ،مدينة الأحزان الفلسطينية جنين ومعظم سكان المخيم التي تعرضت إلى أبشع مجزرة في القرن الحادي والعشرين، هم من التركمان
تركمان فلسطين هم من سلالة المقاتلين التركمان القدماء ، ولكن هناك إدعاء بان بعض من عشائر عربية مهاجرة سكنت بجوار قرى التركمان وتحالفوا معهم ونُسِبوا إليهم وصاروا يُعرفون بعرب التركمان التي انتظمت كلها في حلف عشائري عريق.!!؟ طبعا هذا الكلام يجب تاكيدها من قبل اخوتنا التركمان في فلسطين ان كانت صحيحة ام لا. علما تاريخ وجود التركمان في المنطقة تعود الى زمن السلاجقة
تقول بعض المراجع التركية أن التركمان جاءوا الى مرج ابن عامر على هيئة جنود مجردين من السلاح لأن حكومة السلطان سلیم الثاني قد غضبت عليهم بعد أن تمردوا على السلطان واعتدوا على قافلته التي كانت محملة بالهدايا الى والي مصر، فغضب السلطان عليهم وامر بتجريدهم من السلاح ونفيهم واسكانهم في فلسطين وخاصة في منطقة مرج ابن عامر
وقد دار نزاع مرير بينهم وبين عرب الصقر، وقد أقاموا عدة قرى في المنطقة التي سكنوها منها: لد العوادين، عين المنسي، المنسي، الغبيات الفرقة، الغبيات التحته، ابو شوشه، ابو زريق کرکور کما سكن بعضهم قيسارية
في عام 1920 ، قرر القبائل التركمانية المتواجدة في تلك المنطقة ترك حياتهم البدوية التي كانوا يتنقلوان من مكان لاخر طلبا للمرعى والاستقرار وبناء قرى لأنفسهم . لهذا الغرض اختار التركمان مناطق جغرافية عالية ذات تربة خصبة فيها الكثير من المياه وبدأوا في بناء منازلهم من خلال تشكيل قرى بعيدة عن بعضها البعض
في حين أن بعض التركمان فضل حباة البداوة و الترحال كما كانت اسلافهم واجدادهم القدامى الذين قدموا ون أواسط أسيا الوسطى من تركمانستان وأوزبكستان وأذربيجان التي كانت تسمى بلاد تركستان
التركمان الفلسطينيون ، يتألفون من سبع قبائل تركمانية أوغوزية، جدهم أوغوزخان. ومما لا شك فيه أن هؤلاء التركمان اختاروا هذه الأراضي كوطن لهم منذ القرن السابع الهجري واستمروا في وجودهم هناك الى يومنا هذا.حيث أن قبائل التركمانية في فلسطين تتألف من ثماني عشائر هي (تركمان الشقيرات, تركمان الطواطحة, تركمان العوادين, تركمان النغنغية, تركمان سعيدان أوغولرى, تركمان علقمة, تركمانظبية, تركمان غرة) وبواقع 145 عائلة فرعية والواقعة ضمن هذه العشائر الثمانية, وتجدر الإشارة هنا أن تعداد هذه القبيلة قد بلغ نحو الـ (000¸100) نسمة تقريباً حسب أخر إحصائية كانت عام 2003م, موزعين اليوم في كل من المملكة الاردنية الهاشمية وفلسطين وبلاد المهجر
في روايات اخرى حول وجود التركمان في فلسطين تقول بان مجموعة من الجند التركمان قاموا بحملة تاديبية على بني الصقر وبعد قتلهم لشيخ الصقر و اجلاء القبيلة اعجبوا بحياة البداوة فتمردا على الحكام الاتراك وسكنوا في بيوتهم وانضم اليهم بعد ذلك القبائل العربية التي كانت تساكن الصقر في مرج بن عامر مثل قبيلة بنيها وغيرها الروايات تحتاج الى مصادر تاريخية ؟؟
على الرغم من أن المناطق التي استقر فيها التركمان في البداية لقد فقدت تسمياتها التركمانية وتغيرت الكثير منها ، مع ذلك الأن هناك أسماء لمناطق كانت ذات أغلبية تركمانية لا تزال قائمة مع وجود ألقاب للعائلات والأسر التركمانية تدل على تركمانيتهم رغم نسيان لغتهم التركمانية الام
في مدينة نابلس الفلسطينية ، لا يزال التركمان يعيشون بكثافة ، ويحملون اسم سواريلر هؤلاء هم أحفاد شاه سوار قائد الجيش العثماني. في مدينة طولكرم الفلسطينية، يواصل التركمان هناك وجودهم بأسماء وألقاب غير تركمانية هؤلاء هم أحفاد شاه مسعود قائد الجيش العثماني. والتركمان الذين يعيشون في مدينة صفد هم أحفاد قبيلة تركمان سعيدان أوغولري الفلسطينية
في حي الشجاعية في مدينة غزة المحاصرة اليوم ابناءها هي من ذرية حرّاس الثغور من العرب والتركمان والأكراد، وما يزال حيّاها الجنوبي والشمالي يحملان ذكرى ساكنيها الأولين، فحيّها الجنوبي يسمى بحي التركمان الذي سكنته أجناد من العشائر التركمانية المقاتلة وهو أقدم الحيّين، وحيها الشماليّ "اجْدَيدة" يسمى حي الأكراد الذي سكنته عشائر كردية مقاتلة أيضاً.هذا الحيّ تخرج فيه أبطال مشهورون منهم أبو محمد الجـعـبري وأم نضال فرحــات، ومعين بسيسو، وهاني بسيسو، بل يزعمون أن شمشون الجبار مدفون فيها أيضاً
من عائلات ذات أصول التركمانية في يافا عائلة الابيض من عائلات يافا القديمة , مارسوا تجارة المواد الغذائية والتوابل والشاي في سوق الدير.عائلة كنج احمد اصلهم من تركيا وقد استقروا في يافا خلال الحكم العثماني , اذ قام الوالي سليمان باشا بتعيين كنج احمد آغا متسلما على القدس , بناء على طلب آبي نبوت الذي تزوج ابنتهم , واشتهرت العائلة كتجار للمواد الغذائية.عائلة الدرهلي من عائلات يافا القديمة منذ العهد العثماني , اصلهم اتراك عثمانيين من ولاية ادرنة وبالتحديد من بلدة (درة) وكان يلفظ اسم العائلة (درة لي) وتحرف الى (درهلي) , ويوجد في يافا شارع وسبيل بأسم الدرهلي وانتقل قسم من العائلة الى غزة وبيت دجن
يتركز التركمان في مرج بن عامر وكركور وغزة. التركمان الذين يعيشون في في غور الأردن الشرقية ،يقولون إنهم من نسل المطلق آغا الشقيري الذي عاش في مرج بني عامر قبل خمسمائة عام
قبائل التركمان في فلسطين كان شيخهم في سنة 1900 (مطلق الشقيري آغا) بعد وفاة الشيخ مطلق آغا عام 1872 ، حصل الشيخ حسين الخطيب ، صديقه المقرب وزوج أخته ، على لقب شيخ حتى سنة 1920 وأنشأ أول مجلس عشائري تركماني في نفس العام. وقد قامت هذه الجمعية بواجباتها حتى وفاة الشيخ حسين الخطيب عام 1935.بعد هذا التاريخ تولى الشيخ حسن منصور الموسى ، من أبناء سعيدان التركمانية، مهمة الشيخ فقبيلة سعيدان اوغولرى هي واحدة من أهم القبائل التركمانية السبع
مرحلة النضال التركماني الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني
أسس حسن منصور العيسى مجلس قيادة الثورة المكون من خمسة أعضاء وعين اثني عشر قائدا لاثني عشر فرقة مكونة من الشباب التركماني
كما أنشأ محكمة ثورية وعين خبيرًا عسكريًا لتدريب أولئك الذين أرادوا الانضمام إلى الثورة. وبعد هذه المرحلة ، أعلنت رسميًا انتفاضة التركمان ضد حكومة الانتداب في شمال فلسطين وضد الهجرة الصهيونية إلى فلسطين. أذهل نجاح الثورة وقوتها حكومة الانتداب. حاكمت محكمة الثورة الأسرى الصهاينة وحكمت عليهم بالإعدام
وداهمت القوات الثورية عدة مرات بؤر جيش الاحتلال البريطاني مثل بيت كيليم وقتلت الجنود البريطانيين هناك. ورداً على ذلك ، شنت حكومة الانتداب هجمات على بلدة المنسي في شتاء عام 1939 بقوات المشاة والدبابات والطائرات
عندما رأت قيادة الثورة شدة الهجمات ، أمرت بعدم إطلاق النار. عندئذ ، ألقى القبض على جميع رجال ونساء وشباب وشيوخ البلدة. على الرغم من أنه بدأ ببطء في إطلاق سراحهم بعد تعريضهم للتعذيب لمدة ثلاثة أشهر ، إلا أنه لم يفرج عن قادة الثورة الخمسة واستمرت حالة عدم اليقين بشأن وضعهم. ولا تزال حكومة الانتداب مسؤولة عن مصيرهم. على الرغم من الدعاوى القضائية التي رفعها التركمان ضد حكومة الانتداب ، نفت حكومة الانتداب هذا الاتهام وكررت الادعاء بأنها لم تعتقلهم
اعتبرت القبائل التركمانية الهجوم البريطاني على بلدة المنسي ، والوضع غير المؤكد للقادة الثوريين وتعذيب شعبهم على أساس حدث كارثي
منذ بداية أيار 1948 بدأ الوضع في فلسطين بالتدهور. لأن التنظيمات الإرهابية الصهيونية نفذت مجزرة مروعة في قرية دير ياسين الفلسطينية في تلك الأيام. في هذه المجزرة ، قُتل بوحشية 250 شخصًا ، بينهم أطفال ونساء. ومع ذلك ، لم يكن هناك اشتباكات مباشرة بين الصهاينة والتركمان حتى مساء السابع من أبريل عام 1948
في ذلك المساء ، دخل القائد التركماني فوزي قاوقجي بلدة المنسي مع جيش التحرير وقصف المستعمرة التي كانت بعيدة نسبيًا عن القرى التركمانية ليلاً. في صباح اليوم الثاني ، دخل ضابط بريطاني إلى بلدة المنسي في سيارته العسكرية وسأل عن فوزي قاوقجي ، ولكن لم يرد عليه عاد
في 9 أبريل 1948 صدر أمر من القائد العام للجيوش العربية يطالب فوزي قاوقجي بمغادرة البلدة على الفور. وكان القائد العام للجيوش العربية حينها يستقبل القادة العرب وغير العرب في قصره بشرق الأردن. انسحب فوزي قاوقجي ليلا بأمر من القائد العام للجيوش العربية
في الصباح ، أدرك بعض التركمان الذين يراقبون المستعمرة أن الصهاينة يستعدون للهجوم بسبب التحشيد العسكري من أليات وعتاد وجنود. عندها وخوفا من ان تقوم قوات الاحتلال بمجزرة بحق الاهالي المنطقة غادر السكان بما فيهم التركمان الذين كانوا يعيشون في الخيام منطقة كركور وهاجروا من بلدة المنسي واستقروا في قرية عين المنسيه
وبينما كان شباب ورجال القرى التركمانية يستعدون للدفاع عن قراهم وبلداتهم ، ويرسلون وفدا إلى القائد العام للمطالبة بالسلاح ولكن مع الاسف القائد العام للجيوش العربية يرفض مطالبهم ، معلنًا أنهم لا يملكون سلاحًا. عندها تعرضت بلدة المنسي للهجوم من قبل عصابات الهجانة الصهاينة في صباح العاشر من نيسان 1948 ، واستشهد العديد من التركمان في الصراع الذي استمر ثلاثة أيام ، وفي 13 أبريل 1948 سقطت المدينة في أيدي العصابات
مقابل كارثة اغتصاب الأراضي الفلسطينية ، هرع الناس الذين كانوا غير مبالين بالكارثة وهم مشغولين ببضائعهم وممتلكاتهم بدلاً من الجهاد ، وخاصة القائد العام للجيوش العربية الذي ذهب إلى جزيرة رودس ووقعوا اتفاقية وقف إطلاق نار لا نهاية لها مع العصابات الصهيونية. ولم يصدر أية رد فعل من العالم العربي على هذا الوضع المأساوي من ترحيل مليون وسبعمائة ألف فلسطيني من ديارهم وأماكنهم بعد تدمير قراهم ومدنهم
كما التزمت وسائل الإعلام الفلسطينية الصمت حيال ذبح الصهاينة للشعب الفلسطيني..حتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع العصابات الصهيونية ، تم اجتياح العديد من القرى التي كانت في أيدي الفلسطينيين
هذا الوضع سببه أيضا الإعلام الفلسطيني الذي شجعهم على مغادرة القرى وتركها للغزاة الصهاينة. بعض القبائل التركمانية ، التي فقدت كل ممتلكاتها نتيجة لكارثة عام 1948 ، هاجرت إلى المنطقة التي يعيش فيها تركمان الجولان ، الذين تربطهم روابط قرابة
تم منح مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية للتركمان المهاجرين هناك وأقاموا في قرية هيتل لمدة عام.لكن كل هؤلاء القرويين ، الذين سمعوا أن المخيمات التركمانية القريبة من مدينة جنين وعلى الجانب الشرقي من مرج بني عامر قد تعرضت لهجوم من قبل الصهاينة ، عادوا إلى فلسطين مع بعض من تركمان الجولان
وقعت حادثة الهجوم الصهيوني على المعسكرات والمخيمات التركمانية في نهاية عام 1949. بينما كانت القنابل التي أسقطها الصهاينة تضرب حول المخيم ، قدم إلى المنطقة جيش عراقي بقيادة قائد تركماني من سكان منطقة تلعفر العراقية
على الرغم من وجوده على الطريق طوال مدة ثلاثة أيام ، انضم على الفور إلى المعركة وصد المهاجمين الصهاينة .وبحسب ما قاله الضابط التركماني العراقي فيما بعد ، فإن هذا الجيش كان يتقدم بالفعل باتجاه مدينة طولكرم الواقعة على خط وقف إطلاق النار
لكن عندما تلقى القائد التركماني نبأ تعرض المعسكرات والمخيمات التركمانية قرب جنين لهجوم من قبل الصهاينة ، غير طريقه وتوجه نحو مدينة جنين حيث توجد معسكرات ومخيمات التركمان. ويقيم هذا الجيش مقره في هذه المنطقة التي تقع إلى الغرب من مدينة جنين. وبحسب اتفاقية أريحا الموقعة بين الأردنيين والفلسطينيين عام 1950 ، فإنها تبقى في تلك المنطقة حتى قدوم الجيش الأردني للمنطقة
في دراسات الميدانية حول تطور المجتمع التركماني في الضفة الغربية والضفة الشرقية للأردن ، لفتت الانتباه إلى أن الحراك الاجتماعي في هذه التجمعات التركمانية. حيث يجتمع التركمان الصغار والكبار بانتظام في أيام الاعياد والافراح والتعزية ؛ ويحافظون على تجمعاتهم من خلال الجمعيات الخيرية وأنشطة تلك التجمعات المجتمع المدني في جميع الأحياء والقرى والمخيمات الفلسطينية. أتمنى أن تتم لم شمل هؤلاء التركمان في وطنهم فلسطين عما قريب
أبناء العشائر التركمانية الفلسطينية ، سواء كانوا قادة أو جنودا ، يسعون جاهدين ليصبحوا شهداء من أجل تراب فلسطين . الكوادر القيادية في منظمة شهداء الأقصى التابعة للتركمان كانوا دائما سدا منيعا ضد الاعتداءات الصهيونية على معسكر جنين في عام 2002 قدموا عشرين شهيدا على الاقل في تلك الفترة
لقد تعلم التركمان التعود على حياة المخيمات بمرور الوقت ، حتى لو كان الأمر صعبا في البداية.من خلال العيش في المخيمات ، أدرك التركمان أن العودة إلى أرضهم في فلسطين لن تحدث قريبا ، وتعهدوا بتعليم أطفالهم في ظل ظروف معيشية صعبة ، ونجحوا في ذلك رغم كل المصاعب. كانت القضية الأكثر إيلاما للتركمان الفلسطينيين خسارة أراضيهم وقراهم وجميع ممتلكاتهم.في بداية هذه المشاكل كانوا يفقدون أراضيهم ويقطعون علاقاتهم بالزراعة
لأن الزراعة تعني الأرض والأرض تعني الوطن ، والوطن تعني التاريخ والجغرافيا.يعتبر التركمان في فلسطين انفسهم كجزء من الشعب الفلسطيني ،فهم يشتركون في ثقافة مشتركة معهم دون اية تمييز فيما بينهم
بعد أن استقر التركمان في مخيمات اللجوء الفلسطينية ، رأوا في المخيم مصدرا للثقافة يقوم على عناصر الهوية الوطنية والدين واللغة والتاريخ.حيث ان دور الدين لها دور كبير في السلوك والحياة والعلاقات والارتقاء بالروح البشرية
بفضل الدين تقوى إيمان الناس. يكتسب قوة كبيرة في الاستمرار في طريقه بالتوكل على الله والعمل بكل قوته وقبول قضاء الله وعدم رفض مصيره. بناءً على ظروف الحياة الصعبة ، يزيل الانسان كل مخاوفه بإيمانه بالله . وبهذه الطريقة ، حاول الكثيرون في تعزيز الجوانب الإيجابية للحياة من خلال تعليم الشباب التركماني الفلسطيني وزرعوا في نفسوهم بأنهم سيعودون إلى فلسطين في المستقبل القريب
قدم رجال الدين التركمان تعليما دينيا شاملا للشباب، لانها حجر الزاوية في الهوية الثقافية للتركمان. في هذا السياق ، كان الدور الأول للآباء والأمهات هو الحد من الجوانب السلبية في أذهان أبنائهم وتوسيع الجوانب الإيجابية.هذا التفاهم سهّل رغبة التركمان الفلسطينيين في العيش مليئة بالحياة والأمل ، وجهودهم لغرس الخير والمحبة في الأجيال القادمة.لقد أصبح المسار الذي اتبعوه أكثر وضوحا وإشراقا ، وبدأ الشعب التركماني في التعافي والعيش حياة متوازنة مع القضاء على الصعوبات
بغض النظر عن آلام الكارثة النزوح من أراضيهم، قاموا بتصحيح بعض الانطباعات السلبية التي كانت سائده بين بعض فئات المجتمع واستمروا في التقدم في هذا المسار بتغلبهم على جميع الصعوبات والقيام بأعمال مخططة وموجهة في المجال الاجتماعي فيما بينهم.بفضل الجهود المستمرة في هذا المحال، بدأت العلاقات بين الأفراد تزداد قوة وصلابة. بعد بضع سنوات ، تمكنت بعض القبائل من شراء الأراضي وبناء مبانٍ خاصة عليها
على الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها المجتمع الفلسطيني عامة ، والمجتمع التركماني خاصة، إلا أن مستوى التعليم للفلسطينيين يضاهي مثيله في الدول الرائدة في العالم. بعد حرب "أيلول الأسود" بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن عام 1970 ، بدأت الحكومة الأردنية في إلغاء إضفاء الطابع الرسمي على الجمعية الوطنية والجيش والسلطات الرسمية للدولة. وعليه ، تم استيعاب هويات الفلسطينيين المقيمين في الأردن فقط وكان هذا الموقف مخالفًا لاتفاقية أريحا الموقعة بين الفلسطينيين والأردنيين عام 1949 و1950 م.ومن الشخصيات التركمانية الفلسطينية التي كانت لهم بصمةفي النضال الوطني الفلسطيني في تلك الفترة أحمد أسعد الشقيري ، فلسطيني تركماني ، هو ابن لأب شغل منصب مفتي الجيش الرابع للإمبراطورية العثمانية. شارك الشقيري في الانتفاضة الفلسطينية 1936-1939م
في مؤتمر القمة العربي الأول عام 1964 أُنشئت منظمة التحرير الفلسطينية لتعبر عن ارادة شعب فلسطين ولتكون هناك هيئة تطالب بحقوقه وتقرير مصيره، وكلّف المؤتمر ممثل فلسطين احمد الشقيري بالاتصال بالفلسطينيين وكتابة تقرير عن ذلك يقدم لمؤتمر القمة العربي التالي، فقام أحمد الشقيري بجولة زار خلالها الدول العربية واتصل بالفلسطينيين فيها، وأثناء جولته تم وضع مشروعي الميثاق القومي والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتقرر عقد مؤتمر فلسطيني عام، وقام الشقيري باختيار اللجان التحضيرية للمؤتمر التي وضعت بدورها قوائم بأسماء المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني الأول الذي أُقيم في القدس بين 28 آذار و2 حزيران من عام 1964 وافتتحه الملك حسين بن طلال، وعرف المؤتمر باسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية وتولى رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة ، واضطلع بدور فاعل في تشكيل جيش التحرير الفلسطيني.وقدم التركمان الفلسطينيون مساهمة كبيرة في هذا الجيش الذي حظي بدعم كامل من الدولة العراقية. دافع أحمد الشقيري عن أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لحل المشكلة الفلسطينية وبذل جهودًا في هذا الاتجاه.واستمرت هذه الجهود حتى المجزرة التي ارتكبها النظام الصهيوني في قرية القبيعة التابعة لناحية رام الله وقرية السموع التابعة لناحية الخليل
تركمان فلسطين وأيلول الأسود
في عام 1949 ، التقى الملك عبد الله الأول ببعض الفلسطينيين واتفق معهم على ضم الأراضي الفلسطينية المتبقية إلى إمارة شرق الأردن وإنشاء المملكة الأردنية الهاشمية. على الرغم من معارضة سبع دول عربية لهذا الاتفاق ودخول الجيش الأردني إلى الأراضي الفلسطينية ، إلا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لم ينفذ إلا في عام 1950. ووفقا للاتفاق ، تمت الإطاحة رسميا بالحكومة الفلسطينية العامة التي أنشئت في مدينة غزة برئاسة أحمد حلمي
تم استبدال الجيش العراقي في فلسطين بالجيش الأردني. فتحت إمارة شرق الأردن أبوابها للفلسطينيين بمنحهم الجنسية الأردنية للفلسطينيين. تم تقاسم البرلمان والجيش والحكومة والخدمة المدنية بين الجانبين. في ذلك الوقت ، غادر التركمان مخيماتهم وبدأوا في الهجرة باتجاه شرق الأردن ، باستثناء مخيم جنين الذي يقع في الجانب الشرقي من مرج بني عامر وهو قريب جدًا من قرى التركمان المحتلة. اشترى التركمان أراضي واسعة النطاق في مدن إربد وسحاب وعمان والزرقا من الحكومة الأردنية ومن أصحاب الأراضي.تمتد الأراضي المشتراة من الحكومة الأردنية من سفوح جبال عقلون في الشرق إلى نهر الأردن في الغرب
هذه الأراضي ، التي يبلغ عرضها آلاف الأفدنة ، قريبة جدًا من الأراضي المحتلة ، وقد زرعت أشجار الحمضيات في جميع هذه الأراضي بسبب وفرة المياه فيها. بنى التركمان دفيئات لزراعة الخضروات. كذلك أنشأ التركمان قرية الريان بالقرب من طريق عمان إربد
وأصبحت المزارع التركمانية أجمل المزارع في كل الأردن. بالقرب من مزارع التركمان ، كانت منطقة نهر الأردن ممرًا آمنًا لمقاومة المقاومة الفلسطينية للتوغل في عمق الأراضي المحتلة
هذا الممر يسمى الممر التركماني. كانت حقيقة تسميتها باسم الممر التركماني هو السبب الرئيسي الذي دفع الكيان الصهيوني إلى مهاجمة مخيم الكرامة شرق الأردن في 21 آذار (مارس) 1968.وشهد هذا المعسكر اشتباكات بين الصهاينة وقوات المقاومة الفلسطينية
بعد حرب الكرامة التي اندلعت عام 1968 ، عانى جميع الفلسطينيين المقيمين في الأردن ، بما في ذلك القبائل التركمانية ، من كوارث شديدة نتيجة مؤامرة دول المنطقة لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية. بدأت الحرب في 1 سبتمبر 1970 واستمرت حتى 30 سبتمبر. في هذه الحرب قصفت جميع المخيمات الفلسطينية بالأسلحة الثقيلة وتمركزت القوات المسلحة الصهيونية على الحدود الأردنية
في هذه الأثناء ، في سوريا ، كان نور الدين الأتاسي رئيسا ويوسف زين رئيسا للوزراء ، دخلت القوات المسلحة السورية المناطق الشمالية من الأردن.متجها نحو العاصمة عمان ، توجه إلى محيط محافظة جرش وتوقف في تلك المنطقة.نتيجة للمفاوضات بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والسلطات السورية ، انسحبت القوات السورية من الأردن ، وتم إرسال وفد إلى الأردن برئاسة جعفر النميري لإعداد مشروع اتفاق بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية. ونتيجة للمفاوضات ، تقرر انسحاب مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من المخيمات الفلسطينية ، على أن تتمركز هذه القوات في الغابات الأردنية
من كل هذه التحركات كان يبدو أنه تم تحقيق السلام.كدليل على السلام ، تم إرسال غداء للمقاتلين الفلسطينيين المتمركزين في الغابات. بينما كان المقاتلون يأكلون طعامهم ، قصفتهم الطائرات الحربية الباكستانية وأحرقت الغابات التي كانوا موجودين فيها
في الوقت نفسه ، تم الإعلان عن نبأ وفاة جمال عبد الناصر بطريقة مفاجئة. واصلت الطائرات التابعة للقوات الجوية الباكستانية هجماتها حتى دمرت الغابة والمقاتلين الفلسطينين الذين كانوا قد انتشروا فيها
وقد رفع الفلسطينيون في المخيمات الفلسطينية وفي مختلف مدن الأردن الأعلام السوداء تحية للشهداء الذين استشهدوا في الغابات. وكان من بين الشهداء مقاتلين من القبائل التركمانية الذين كانوا في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية
تصف القبائل التركمانية حرب أيلول الأسود هذه بأنها ثاني كارثة لفلسطين.بعد انتهاء الحرب ، كانت المرحلة الثانية من المؤامرة هي إجبار المقاتلين الفلسطينيين الناجين على الهجرة إلى لبنان
وبهذه الطريقة ، تم تطبيق خطاب الصهاينة "لن تكون هناك إسرائيل بدون فلسطين ، لن تكون هناك فلسطين بدون القدس ، لن تكون هناك القدس بدون الهيكل.يستمر هذا السيناريو اليوم مع التهويد المشترك للضفة الغربية والقدس
شكلت ملحمة جنين بكل تضحياتها وما قدمه المجاهدون من سرايا القدس مفصلاً من تاريخ المقاومة الفلسطينية فسطرت بدماء الشهداء مرحلة من الصراع بين قوى الخير والشر في المنطقة قوى الخير الباحثة عن النصر والتحرير، وشكلت نموذجاً يتباهى به الفلسطينيون في الوحدة الميدانية بين فصائل المقاومة والقيادة المشتركة لمواجهة باسلة. تمثل مدينة جنين رمزًا مهمًا للصمود الفلسطيني الممتد عبر عقود، لهذا تعمد إسرائيل على وأد الحراك المقاوم فيها من آن لآخر، خوفًا من تمدده خارجها.يقطن مدينة جنين التي تقع شمال الضفة الغربية نحو 35 ألف نسمة من تركمان فلسطين (عرب فلسطين)، وهي تبعد عن مدينة القدس مسافة 75 كيلومترًا، وتعَد أكبر مدن المثلث الواقع بين جنين ونابلس وطولكرم.فالصمود والمجزرة، شكلاً معاً تجربة مخيم جنين في مواجهة العدو الصهيوني. فإذا كانت المجزرة فعلاً صهيونياً متكرراً عبر تاريخ المشروع الصهيوني في المنطقة. فإن صمود مخيم جنين واستبسال أبنائه في الدفاع عنه كان فعلاً فلسطينياً فرض على العدو الإعتراف بأن القتال في مخيم جنين كان الأصعب والأعنف الذي يواجهه الجيش الصهيوني منذ قيام كيانه الغاصب على أرض فلسطين. وأن مخيم جنين قد توج كعاصمة للمقاومة البطولية. والمكان الذي صمد فيه القليلون أمام الكثرة وتغلبوا عليها
خلال معركة جنين البطولية قدمت سرايا القدس كوكبة من شهدائها الأبطال، فاستشهد نحو 10 من قادتها ومجاهديها وهم: نضال سويطات ومنير وشاحي وطه الزبيدي ومحمد تركمان وعبد الرحيم فرج وشادي اغبارية (نوباني) ونايف عبد الجابر، ومن أبرز القادة: الشهيد القائد الكبير محمود طوالبة قائد معركة جنين، والشهيد الشيخ رياض بدير.كما قدمت سرايا القدس خلال المعركة الاستشهادي المجاهد راغب جرادات الذي خرج من وسط معركة جنين وتحدى كل الإجراءات الصهيونية، وخرق أسوار العدو الواقية وكل احتياطاته العسكرية ونفذ عمليته النوعية في قلب العمق الصهيوني وفجر جسده الطاهر في حافلة صهيونية مكتظة بالجنود الصهاينة على مفترق ياجور في مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة وأدت العملية لمقتل 8 جنود صهاينة وإصابة أكثر من 20 آخرين. وكان الشهيد الطفل أحمد يوسف صقر تركمان (15 عاما) والشهيدة الطفلة سديل تركمان.. شهداء نيران الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الاخير على جنين .حيث ان الشهيدة سديل تركمان التي كانت قبل قد حصلت،على دورة في الإسعافات الأولية، كخطوة أولى في طريق تحقيق حلمها بأن تصبح مسعفة فور إنهاء دراستها.لكن الاحتلال حوّلها إلى جثّة على أكتاف زميلاتها اللواتي جُبنَ شوارع جنين يذرفن الدموع ويُشيِّعنَها هي وأحلامها التي لم تتحقق
حياة التركمان في مخيمات القهر واللجوء
يعيش التركمان الفلسطينيون اليوم في تجمعات كبيرة داخل حدود فلسطين المحتلة والمملكة الأردنية. ويتركز وجود التركمان بشكل مكثف في مدينة جنين وفي مخيم جنين القريبة من المدينة وكذلك في منطقة مرج بن عامر. وينتشرون بشكل عام في بعض مناطق وادي بركين والاحياء الألمانية وبير الباشا.لدى الشباب التركماني الفلسطيني في هذه المناطق والتجمعات السكانية تنظيمات سياسية وعسكرية مسلحة منضويون تحت منظمة التحرير الفلسطينية. والتركمان في هذه المنطقة لديهم تنظيم عسكري فريد من نوعه يسمى شهداء الأقصى ، ذو قيادة رائدة في النضال المسلح ضد الاحتلال الصهيوني ولدى هذا التنظيم قاعدة شعبية داخل مخيم جنين لحمايته من هجمات الصهاينة
التركمان في فلسطين لهم قاعدة وطنية ومنصهرون داخل المجتمع الفلسطيني ويعتبرون قوة اقتصادية وثقافية وسياسية وعسكرية. حيث اعترفت دولة فلسطين دستوريًا بالبنية القبلية للتركمان منذ إنشائها. وجميع الأبواب مفتوحة للتركمان في فلسطين لتمثيلهم في الجمعية الوطنية الفلسطينية واللجنة التنفيذية واللجنة المركزية والهيئات الحكومية دون أية تمييز بينهم وبين إخوانهم العرب داخل المجتمع الفلسطيني .كان ومازال هناك دائما نواب ووزراء من أصل تركماني في الحكومة الفلسطينية وفي المنظمات التي تتبع لها
اليوم ، يواصل بعض التركمان الفلسطينيين وجودهم في الأردن بعد ان نزوحوا اليها خلال فترات التاريخية نتيجة التهجير القسري لهم من قبل الصهاينة. إلا أن التواصل بين التركمان الفلسطينيين في الأردن وأقربائهم من التركمان الفلسطينيين في الضفة الغربية لا تزال مستمرة دون انقطاع رغم الظروف السائجة في المنطقة
رغم عدم وجود أية إحصائيات رسمية وطنية فلسطينية يقال حسب المصادر المحلية بأن عدد التركمان يصل الى 156 ألفًا في جميع أنحاء فلسطين حسب احصائية عام 1982 ، غادر الكثير منهم البلاد بسبب ضغوطا الاحتلال الصهيوني ، ولا يزال هناك 80-90 ألف تركماني يعيشون في فلسطين ، بينهم 4 ألف في القدس وحسب احصائيات عام 1945 كانت حوالي7500 نسمة منتشرين في 7 قرى ووجودهم ملموس جدا في (مخيم جنين) للاجئين وفي كل المحافظة وهناك قسم من التركمان يعيشون في المناطق الشرقية من المملكة الأردنية. يعني أن التركمان موجودون في جميع المحافظات الأردنية دون استثناء وكذلك في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المنتشرة في لبنان وسوريا والاردن
في مدينة إربد الأردنية ، يوجد حي تركماني على طول شارع فلسطين وحي تركماني آخر على طول شارع الحكمة في نفس المدينة. يبلغ عدد التركمان الموجودين في مدينة إربد حوالي 55 ألف حسب المصادر المحلية دون وجود مصادر إحصائية رسمية. بالقرب من هذه المدينة يوجد مخيم للشهيد عزمي مفتي حيث يعيش فيها حوالي 4000 تركماني داخل هذا المخيم
بالقرب من مدينة اربد توجد مدينة ذات أغلبية تركمانية تسمى الريان يبلغ عدد سكان هذه المدينة ثلاثة آلاف تقريبا , وهناك مخيم البقعة هو أكبر مخيّم للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وهو واحد من مخيمات «الطوارئ» الستة التي تم تأسيسها في عام 1968 بهدف استيعاب اللّاجئين الفلسطينيين والنّازحين الّذين تركوا الضّفّة الغربيّة وقطاع غزة نتيجة الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967م ويقعُ المخيم على الحدود الشّماليّة الغربيّة للعاصمة الأردنية عمّان على بعد 20 كيلومترا شمال مدينة عمان على طريق «عمان إربد»، بالقربِ من منطقةِ صُويلح، ويتبعُ هذا المخيّم خدميّاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ولجنة خدمات تحسين المخيّم، أما إدارياً فهو يتبع «لواء عين الباشا» في محافظة البلقاء ويعيش في هذا المخيم حوالي 2500 ألف تركماني وتحيط بالمخيم الأراضي الزراعية المروية من المياه الجوفية، وفي الثمانينيّات صُنّف حوض البقعة ثاني أكبر منطقة في الإنتاج الزراعي بعد غور الأردن، حيث كان يوجد فيه ما يقرب (5000) بيت دفيئة (بيوت بلاستيكيّة)، أما الآن وبعد تقنين استخدام المياه الجوفية أصبح خامس منطقة في الإنتاج الزراعي
وفي مدينة الزرقاء توجد تجمعات تركمانية صغيرة في أحياء هذه المدينة تعمل سكانها ، التي يبلغ إجمالي عدد سكانها 1500 نسمة ، في التجارة وكذلك التدريس في مدارس وكالات والمنظمات الدولية (الأونروا) .وهناك أيضا مخيم السخنة عدد العوائل التي تقطن المخيم حوالي (800) عائلة عدد سكانها الكلي 7350 نسمة منها 5000 تركماني الواقع على بعد (23) كم شمال شرق مدينة الزرقاء ويتبع اداريا محافظة الزرقاء . إلى جانب ذلك ، هناك أكثر من ألف تركماني يمارسون مهن مختلفة مثل المحامين والأطباء والقضاة والمدرسين في عمان عاصمة المملكة الأردنية. كما يمتلك بعضهم شركات ومدارس خاصة
يوجد مخيم للاجئين الفلسطينيين يسمى شيلتر بالقرب من مدينة عمان ، ويعيش في هذا المخيم 5000 تركماني. الى جانب ذلك يعيش تركمان فلسطين في مخيمات منتشرة في المدن السورية في حلب ودرعا وحمص واللاذقية وحماة والمخيمات الفلسطينية الواقعة في المدن اللبنانية كذلك المخيمات الواقعة على الاراضي الأردنية فيها تركمان نازحون من قراهم وبلداتهم الفلسطينية. يوجد حي يسمى "حي التركمان" في الجزء الغربي من مدينة سحاب ، وهو بالقرب من مدينة عمان يبلغ عدد التركمان في هذا الحي 1500 ألف تقريبا
كما هو الحال في سوريا والعراق ولبنان، لم تكن لتركيا وطن الام لاتراك العالم اية تواصل أي أو علاقة مع التركمان الذين بقوا في جغرافيا فلسطين والأردن ، حسث ترك التركمان لمصيرهم في مناطق تواجدهم بعد انهيار الامبراطورية العثمانية. نأمل من وطننا الام تركيا إطلاق مشاريع ومبادرات الضرورية واللازمة مع المسؤولين في فلسطين والأردن ، من أجل حماية تركمان في تلك المناطق بخطوات سياسية وثقافية ودبلوماسية فيما يتعلق بمستقبل التركمان الفلسطينيين
تمتد جذور وأغصان شجرة عائلة التركمان الفلسطينيين إلى الأناضول هم أقاربنا من الدرجة الأولى ألا ندين لهم بالوفاء؟
وفي النهاية يبقى السؤال الأهم لدى الجميع لماذا بقيت قبائل التركمان (عرب التركمان) غائبة اليوم عن الساحة الاجتماعية والسياسية والاعلامية الفلسطينية طوال السنوات المئة الاخيرة تقريبا رغم وجود تاريخ حافل لهم بالبطولات في الماضي ؟
فلقد استعربت هذه القبائل التركمانية الاوغوزية وانصهرت في المجتمع العربي الفلسطيني ,لاسباب عديدة منها قلة التواصل تركمان فلسطين مع تركيا والعالم التركي والتركمان الذين يتواجدون في سوريا والعراق ولبنان وكذلك عدم وجود جمعيات ومنظمات مجتمع مدني تركماني فلسطيني هدفها التواصل مع وطن الام تركيا وطن الاجداد تركمانستان واذربيجان واوزبكستان وكازاخستان وقرقيزستان وذلك من زيادة التعاون الثقافي والاجتماعي فيما بين منظمات المجتمع المدني التركماني الفلسطيني والعالم التركي ومن الاسباب ايضا غياب الحس القومي التركماني لدى الشباب التركماني الفلسطيني ونسيان لغتهم الام التركية بسبب بعدهم عن وطنهم الام تركيا ووطن الاجداد في اسيا الوسطى تركمانستان واذربيجان وغيرها من الجمهوريات التركية في تلك المنطقة
ومن الاسباب ايضا وجود جدل قائم بين أبناء عشائر التركمانية الثمانية حول الجهات الثلاث التي جاءت منها مجموعات هذه العشائر الثمانية منذُ عام 635 م إلى منطقة مرج بن عامر, علماً أن هناك عوامل عديدة مجتمعة كالتاريخ والدين والجغرافيا والتعايش الطويل والنسب والدم ينبغي أن تشفع لمثل هذا الجدل القائم, ويجب أن تذيب هذه العوامل جميع العوائق التي تقف في طريق رص الصفوف المجتمع التركماني الفلسطيني وتحريك الشعور القومي التركماني لدى الشباب وربطهم بالوطن الام تركيا وتركمانستان ثقافيا واجتماعيا مع الحفاظ على الخصوصية الوطنية الفلسطينية لان التركمان في فلسطين يحمون عاداتهم وتقاليدهم ، ومخلصون لبعضهم البعض ويقبلون فلسطين كوطن لهم ، ويرغبون في الشهادة من أجل ترابها الغالي
يُعرف التركمان بكونهم شعب محافظ جدًا على عاداته وتقاليده التركمانية، والعثمانية المتوارثة منذ نشأتها ، من صفاتهم التي يتميزون بها هو احترام الآخر وحب الضيافة، والبعد عن التعصب العرقي و الديني و تظهر بشكل واضح لدى عادات التركمان في القرى التي توارثوها أباً عن جد، فالتركماني يُنشئ أولاده منذ الصغر على حب الوطن و احترام الكبير، والوفاء للصديق وعدم المهابة من العدو، ويهتمون بإعداد الطعام التركماني الأصيل، وكيفية تقديمه، ويحافظوا على أدق التفاصيل، من الاهتمام بغطاء طاولة طعامهم، إلى انتقاء لقب وطريقة الخطاب مع أي شخص فهم شعب اجتماعي حريص على العلاقات الاجتماعية لذلك يحرصون على تبادل الزيارات العائلية في حياتهم حيث ان الحياة الاجتماعية والعائلية لدى التركمان كبيرة ومتشعبة، فالتركمان يعتمدون على العائلات الكبيرة ويتعمدون انجاب الكثير من الأطفال الذي يعيشون مع عائلاتهم حتى بعد البلوغ، والصلات العائلية وصلات الأخوة قوية جدا ويعتمد الأخوة على بعضهم البعض عند الوقوع في مشاكل والى جانب ذلك هم يحرصون أيضا على اتباع قواعد الدين الإسلامي، وعلى الرغم من أن بعض العادات والتقاليد القديمة لهم قد فقدوها في فترة الاخيرة، إلا أنهم تمكنوا من الحفاظ على أصولهم والتمسك بأخلاقهم الحميدة، والمحافظة على قيم الإسلام وأخلاق القبيلة التي نشأوا عليها, والمنازل الريفية البسيطة وكذلك الخيم لدى تركمان البدو الذين مازالوا يمارسون حياة بدوية في تربية الاغنام
ولكن لا يزال التركمان متمسكون بأصولهم في كل شيء رغم الحداثة التي سيطرت على العالم كله إلا أنهم لا يزالوا يحتفظون بأصولهم القبلية والعشائرية في الكثير من المدن والبلدات والقرى ، فمفهوم الخيمة كما ذكرنا لايزال موجود عند التركمان البدو وهي الخيمة الشعرية التي كان يستخدمها أجدادهم في السكن وكانت تسمى دار الغارة أو البيت الأسود ، وهي خيمة يمكن نصبها وفكها بسهولة ويتنقلون بها في أي مكان ويستخدمها الشباب الآن في التخييم كما هناك بعض القدماء يحرصون على العيش بها حتى الآن، كما هو الحال في الريف التركماني أيضا الذي يحتفظ بأصوله في المعيشة فيسكن فلاحي التركمان في منازل بسيطة جدا مكونة من طابق واحد ومحاطة بفناء واسع يربون فيه الماشية والحيوانات، وعلى الجانب الآخر يوجد أيضا في التركمان المدن الحديثة التي يسكن سكانها في المناول الحديثة كما هو الحال في معظم بلدان العالم
يجب أن تتحرك طبقة المثقفين والمتعلمين والمهتمين في المضيّ قُدما في تأسيس على سيبل المثال مجلس تركماني فلسطيني او تأسيس جمعيات وطنية وقومية,أو تاسيس جبهة التركمانية فلسطينية على غرار الجبهة التركمانية العراقية وذلك من خلال القفز عن جدلية جهة القدوم عرب التركمان منذٌ أكثر من مئات السنين من الزمن, والاتفاق من خلال الحوار البنّاء يفيد المجتمع التركماني الفلسطيني في خدمة الوطن والمواطن .إن العمل الاجتماعي في إطار جمعيات ومنظمات المجتمع المدني ,أفضل بكثير من العمل الاجتماعي متشتت ومتمزق حيث أن مستقبل الأجيال القادمة تحت قيادة تركمانية منظمة بأسم القبيلة أو بأسم مجلس او جمعية,أفضل بكثير من مستقبل الأجيال القادمة تحت لامظلة تجمع الشباب تحت قبته
تحتاج المجتمع التركماني الفلسطيني إلى عقول تفتح صفحة جديدة في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية وتبدأ من أول السطر وتتحاور المثقفون فيما بينهم من أجل الاتفاق على وضع خريطة طريق وصيغة متفقة عليه لتنظيم أمورهم ضمن المجتمع الفلسطيني عامة ومع محيطهم في بلدان العالم التركي وخاصة مع الوطن الام تركيا
المصادر
أرشيف رئاسة الوزراء يتكون من الأرشيف العثماني الذي نحن بصدد الحديث عنه، وأرشيف الجمهورية الذي يقع في مدينة أنقرة، ويضم الوثائق الخاصة بتركيا منذ نشوء الجمهورية عام 1923م-
.للتفصيل في معرفة تصنيف الأرشيف العثماني انظر-
Başbakanlık Osmanlı Arşivleri Rehberi/ Başbakanlık Devlet Arşivleri Genel Müdürlüğü, Osmanlı Arşivi Daire Başkanlığı.2.baskı.- İstanbul:2000
كتاب عرب التركمان أبناء مرج ابن عامر للدكتورة علياء الخطيب-
التركمان المسلمون ودورهم في تحرير القدس للكاتب سيف الدين التركماني .مدونات الجزيرة-
ابن الأثير: الكامل في التاريخ، القاهرة 1348هـ-
كتاب جدل الهويات للمؤلف سليم مطر-
كتاب اوغوزلار للكاتب والباحث البرفسور فاروق سومر-
القدس في العهد العثماني (1640 - 1799 م): دراسة سياسية، عسكرية، إدارية-
حراس ثغور الاقصى..تركمان فلسطين .! مقالة د.مختار فاتح بي ديلي-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=776548
.. .ﺟﺬﻭﺭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ .. د.مختار فاتح بي ديلي ..مجلة الاخاء لنادي الاخاء التركماني العراقي عدد 366 خريف 2020-
.أحفاد الاوغوز التركمان المنسيين في الشرق الاوسط- تركمان فلسطين بين الماضي والحاضر المؤرخ التركي حسين دونغل-
http://suriyeturkmenleri.com/7-faaliyetlerimiz&catID=425
.خليل عثامنة..فلسطين في العهدين الأيوبي والمملوكي (1187-1516).مؤسسة الدراسات الفلسطينية - بيروت 2006م-
.سبط ابن الجوزي. «مرآة الزمان» (مخطوطة باريس.1506)
.برتولد شبولرء «العالم الإسلامي في العصر المغولي».صفحة 5-18-
.زبيدة عطاء «الترك في العصور الوسطى». صفحة 23-26-
. الاستاذ محمد يوسف سواعد , كتاب البدو في فلسطين في الحقبة العثمانية 1516-1914 -
.شاكر مصطفى, «فلسطين ما بين العهدين الفاطمي والأيوبي» «الموسوعة الفلسطينية»» القسم الثاني» المجلد 2. ص 364-366-
- الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس..مقالة بعنوان القبيلة الغائبة.. قبيلة عرب التركمان-
..ميخائيل زابوروف .الصليبيون في الشرق ص 3-
.قدري قلعجيء «صلاح الدين الأيوبي»: ص 35-
- كتاب الأوغوز التركمان للبروفسور التركي فاروق سومر ( استاذ التاريخ في جامعة انقرة و احد اكبر المؤرخين في العالم التركي)-
كتاب الأتراك في التاريخ. البرفسور إيرول كونكور مطبوعات 2005-
كتاب لغة الأتراك ، فؤاد بوزكورت ، تاريخ النشر 2012-08-
موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين تأليف المؤرخ العراقي عباس العزاوي-
الامبراطورية العثمانية – تاريخها السياسي: سعيد أحمد برجاوي تاريخ النشر: 1993-
جذور التركمان في بلاد الشام بقلم الدكتور مختار فاتح بيديلي/مجلة الاخاء مجلـة ثقافيـة ادبيـة فنيـة تراثيـة فصليـة خريف 2020 السنة 60 العدد 366-
جدل الهويات / سليم مطر/ بيروت 2002-
البرق الشامي:الجزء الثالث / تصنيف عماد الدين الأصفهاني الكاتب ؛تحقيق وتقديم مصطفى الحياري.1987-
كتاب شذرات الذهب – الجزء الثاني تأليف ابن العماد الحنبلي-
الأقليات والعلاقات الاثنية في شرقي المتوسط: بقلم- فايز سارة.عرض وتلخيص نصرت مردان-
حسين نامق أورقون، التاريخ التركي، الجزء الثالث، أنقرة 1946-
كتاب تاريخ الشيخ ظاهر العمر الزيداني ,ميخائيل نقولا الصباغ العكاوي-
اسكان العشائر في عهد الامبراطورية العثمانية / جنكيز أورهونلو،:ترجمة فاروق زكي مصطفى. 2005-
جولة في تاريخ الترك والتركمان عبر العصور واألزمان. إعداد الباحث. طارق إسماعيل كاخيا 2015-
تاريخ دول الاتراك في عهد السلجوقي : الدكتور حسين امين-
عيون الزمان على من سكن جولان من عشائر التركمان – للباحث التركماني محمد خير عيد-
-الدكتور مختار فاتح بي ديلي ..حكاية التركمان في الشرق وشمال افريقيا والتي لم تحكى بعد .. جذورهم واماكن توزعهم وعاداتهم - موقع الكتابات الكترونية-
-التركمان المسلمون ودورهم في تحرير القدس للكاتب سيف الدين التركماني .مدونات الجزيرة-
-القدس في العهد العثماني (1640 - 1799 م): دراسة سياسية، عسكرية، إدارية-
ـ الراوندي، راحة الصدور وآية السرور في تاريخ الدولة السلجوقية، نقله إلى العربية إبراهيم الشواربي، وعبد المنعم حسين وفؤاد الصياد (القاهرة 1960)
ـ الكاشغري، ديوان لغات الترك (اصطنبول 1932)
تاريخ دول الاتراك في عهد السلجوقي : الدكتور حسين امين-
تاريخ دول الاتراك والترك : كامران كورون -
توركلار وتورك دولتلاري : كامران كورون ص513-
النمر ، إحسان ، تاريخ جبل نابلس والبلقاء ، ج1 ، مطبعة ابن زيدون ،دمشق-
البرغوثي وطوطح ، تاريخ فلسطين ، القدس ، 1923م-
دراسة وترجمة وتحقيق ، محمد عدنان البخيت ونوفان رجا الحمود ، عمان ، 1989م -
-زكريا ، أحمد وصفي ، عشائر الشام ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1983م-
.. من هم الغجر؟ ما الفرق بين الغجر والنَور والتركمان؟ من أين أتوا وما عاداتهم؟«ديوان الغجر» -هاشم غرايبة-
البلاذري ، فتوح البلدان ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، 1983م –
علي الجباوي ... كتاب عشائر النّور في بلاد الشّام 2006 م-
https://archive.org/.../pal.asr.ayoubi.../page/n493/mode/2up
|