في موازين الأرض يُقاسُ النَّصرُ والهزيمة بعدد الضَّحايا ..أمَّا في موازين السَّماء فالنَّصرُ لا يُقاسُ إلا بالثَّباتِ على المبدأ .إنكَ لو قستَ قصَّة أصحاب الأخدود بمقاييس الأرض .. لقلتَ هُزمَ القومُ شرَّ هزيمةٍ فقد أُحرقوا جميعاً ..وما بقيَ منهم مُخبرٌ ليخبرنا بخبر موتهم .. ولولا أنَّ الله سبحانه حدَّثنا عنهم ما درينا عنهم شيئاً. لكل قوم من البشرصفات خاصة بهم وفضّل الله أقواماً على أقوام في الصفات لحكمة يراه سبحانه وتعالى، فمهماأردنا أن نقيم هذه الأقوام لا نستطيع أن نصل إلى درجة كافية في سرد كل الصفات المتعلقة بهم. ولكن لا يمنعنا هذا في عدم المحاولة في ذكر هؤلاء أمانةً للتاريخ البشرية ودروس المستقبل الأجيال القادمة.بلدان الشرق الاوسط وخاصة العراق وسوريا بلدان عريقه تاريخهم مميز لا يستطيع أحد أن ينكره كائنا من يكون، سمي بمهد الحضارات والرسل والأنبياء ومنبع العلوم والقوانين، مدن العلوم والحكم، وادي الرافدين وأرض الخصب والنماء، بلد الخيرات والعطاء، مدرسة التضحيات والفداء، ساحة الانتصارات وحاملة البيداء. احتضن أقواماً عديدة منهم بلدان انقرضت ومنهم من رحلت ومنهم من اختزلت ومنهم من تدوم إلى عصرنا الحاضر.
هذه المنطقة يتكون من قوميات عديدة ومختلفة الأجناس والأعراق واللغات والمذاهب والمعتقدات والثقافات بحكم القدم الحضاري لبلاد الشام ووادي الرافدين، والقوميات الرئيسية في هذه المنطقة هم العرب والأكراد والتركمان وهناك أقليات كثيرة من الأقوام العديدة (الآشور والسريان والكلدان وغيرهم) سنتكلم عن التركمان في هذه المنطقة حيث قد تناست حقوقهم السياسية والاجتماعية لأسباب الداخلية والخارجية، وقليل من يكتب بمصداقية عنهم والكتابة عن تركمان ليس بأمر هين لأن كثيراً من الحقائق طمست في دهاليز التاريخ وأخفيت تحت أنقاض العصور الغابرة وبعضهم وضعت على رفوف أرشيف الماضي أو على هوامش الموسوعات.فان أردنا أن نقيم الشعوب عند وضع ميزان التقييم فعلينا ذكر ما في كفي الميزان معاً مهما كانت حجم السلبيات والإيجابيات . التركمان أناس انحدروا من عرق الأوغوز في أسيا الوسطى وترجع أصولهم إلى يافث بن نوح وصولاً إلى آدم (عليه السلام)، علما بأن المؤرخين اختلفوا في أصل الأجناس اختلافا ضئيلاً ولكن أصل التراكمة رجح إلى أوغوز خان بجانب قبائل الأويغور (تركستان الصين الشرقية) والمغول والتتار (جمهوريات السوفييت البائدة) والآزريين وأتراك بالان وقاقاووز وغيرهم.
وملحمة أوغوزنامة تبين وقائع تاريخية معينة ذات علاقة بالمعتقدات التركية وطرق العيش في المجتمع التركي، وتعتبر جزءاً مهماً من الملاحم التركية الكبرى التي تمجد أعاظم الشخصيات التركية التاريخية. لسنا هنا لسرد تاريخ التركمان الذي يحتاج إلى مجلدات كثيرة، ولكن نحن هنا لتقييم تركمان العراق ولو بشكل مبسط ومفيد، فبقدوم التركمان إلى العراق مثل باقي الشعوب واستيطانهم فيه في الحقب التاريخية المختلفة وظروفها والى عصرنا الحالي، نقف أمام واقع ملموس لا يقبل الشك بأن تركمان العراق يعتبرون من سكان العراق العريقين ولهذا القول شواهد وأدلة من المؤرخين القدماء. وكانت لتركمان العراق إمارات وحكومات مثل الإمارة الأتابكية في الموصل (الزنكية) حكمت قرناً كاملاً (1127-1233م)، والإمارة التركمانية في أربيل حكمت 65 عاماً ( 1144-1204م )، والإمارة التركمانية في كركوك (623هـ ، 1230م) وقد سميت (الإيواقية) أو (الإيوائية) وشملت السليمانية الحالية وسهل شهرزور.
أما الحكومات التركمانية في العراق: الدولة السلجوقية حكمت 76 عاماً ( 1118 – 1194م )، والدولة الجلايرية حكمت 73 عاماً ( 1338 – 1411 م )، والدولة البارانية (قرة قوينلو) حكمت 59 عاماً (1411 – 1470م)، والدولة البايندارية (آق قوينلو) حكمت 40 عاماً (1470 – 1580م)، والدولة الصفوية (1508 – 1534م ) حكمت 26 عاماً فقط، فان عام 1534م هو عام الذي قام فيه السلطان العثماني سليمان القانوني حملته على العراق، عند ذلك انتهى دور التركمان بصفتهم حكاما مباشرين في العراق بظهور العثمانيين على المسرح السياسي وتوليهم الحكم فيه وكان ذلك سبباً في اختزال دورهم في سياسة العراق لطول مدة حكم العثمانيين الذي ما استطاع أياً من الحكومات أن يدوموا مثل هذه المدة الطويلة مثلما استطاع العثمانيين بقرابة 6 قرون، بل اقتصر دور التركمان على تقديم الدعم والإسناد المعنوي والمادي بمستوى معين لا يرقى إلى مستوى قيادة وإدارة الولايات في معظم الأوقات. وتفرغوا إلى الحياة المدنية بعد أن ملوا الحروب والصراعات لسنين طويلة، وأصبحت ميولهم تتجه إلى العيش الرخيّ والحياة المدنية التي اعتادوها وزاولوا الزراعة والتجارة والصناعات اليدوية كما استهواههم الأدب والشعر، وتلقي العلوم الدينية والدنيوية . تكاثرت نفوسهم ووصلت الى 4 ملايين حسب احصائيات منظمات التركمانية ومليونيين ونصف مليون حسب إحصائيات الرسمية.
والمناطق التي يسكنها التركمان في العراق حاليا هي: كركوك، أربيل، تلعفر، نينوى، داقوق، طوز خورماتو، كفري، قره تبه، قره خان، خانقين، قزلرباط (السعدية)، شهربان (المقدادية)، المنصورية، داتاوه (خالص) ومندلي، وهذه حقائق لا يستطيع أي عراقي حر وشريف أن ينكرها إلا من باع عرضه وشرفه قبل أن يبيع وطنه وشعبه.التركمان أناس عرفوا بطيبة القلب وسماحة الطبع وحسن المعاشرة وذكاء ملموس تشهد على ذلك وصولهم إلى المناصب الإدارية المرموقة والمميزة في كثير من الميادين الفنية والطبية والعلمية، إلا المناصب السياسية والحكومية الحساسة ومما لا شك أن ثمة مؤثرات وعوامل وتصورات قادتهم إلى هذا السبيل منها: الانعزال السياسي والاجتماعي، والابتعاد عن الواقعية والتمادي بالانعزالية، والتقوقع الاجتماعي والإتكالية والتعلق بأمل ولو كان هذا الأمل ضئيلاً. أصبحوا لا يتدخلون في كثير من الأمور تدبر من قبل أعدائهم بل ينتظرون إلى أن يحصل شيء حتى يتحركوا، كانوا هم وقود الأحداث وليسوا صانعي الأحداث، وما كانوا يستغلون الأحداث لصالح قضاياهم أو لمصالحهم السياسية والاجتماعية في جميع الحقب التاريخية ان كانت في سوريا او العراق وخير دليل على ذلك المجازر التي حصلت للتركمان مثل مجزرة كاور باغي في الثلاثينات، ومجزرة كركوك الدامية في 14 تموز 1959م ، كانوا يعلمون بأن أعدائهم يدبرون لهم أمراً بالليل وهم نيام ويتدافقون من كل فجٍ و يرون بأن أعدائهم يشهرون على وجوههم آلات القتل والحبال ويشتمون ويهددون ويتوعدون بأنهم سوف يحتلون مدينتهم عاجلاً أم آجلاً ، بل وحددوا ذكرى مجزرة كاورباغي في 12 تموز نقطة صفر لبدأ مجزرتهم في مدينة كركوك وأشاعوا بين الناس شعارات الكراهية والتمييز، ولكن التركمان كانوا لا يعرفون الغدر وما كانوا يتوقعون من أناس ما غدروا من قبل التركمان سوف يغدرون فيهم مثلما حصلت في مجزرة كركوك التي هي وصمة عار في تاريخ العراق الحديث.
والتركمان ما أعدوا شيئاً حتى للدفاع عن أنفسهم ومدينتهم ووجودهم ، بل فرحوا عندما مر يوم 12 تموز بسلام ولم يحصل شيء وظنوا بأن الوعيد والترهيب من أعدائهم ما هي الا أكاذيب وإشاعات بين الناس لصفاء قلوبهم وظنهم الحسن المفرط لغيرهم . وعندما حصلت المجزرة السوداء اندهشوا وتفاجئوا وفقدوا السيطرة على وضع المدينة الى درجة ما استطاعوا أن يعملوا شيئا سوى ترك الساحة أمام الأعداء ليعيثوا بالأرض فساداً ويقتلوا ويسحلوا! أفاضلهم ورؤسائهم ورجال المثقفين ذوي المناصب المرموقة والعوائل المعروفة في المدينة إلى أن مرت ثلاث أيام عجاف وخرج الناس من بيوتهم ومخابئهم عندما جاءت سرية من قبل الحكومة المركزية في بغداد ، وعزلوا السرايا المتمردة من القوميين اللادينيين من بعض أكراد العراق والفوضويين المدسوسين من قبل أعداء العراق وسيطروا على الوضع وعاد إلى ما كان عليه من قبل ولكن التركمان بعظم صدمتهم ما عادوا إلى وضعهم وطبيعتهم مثل ما كانوا عليه قبل بل فقدوا الثقة في كل شيء وبعضهم فكر بترك المدينة وهذا ما كان يخطط به أعدائهم.في بلاد المهجر، أغلب التركمان تجدهم قد اختزلوا في تلك المجتمعات وانغمسوا في أروقتها ومتاهاتها، بحيث لا تجد منهم إلا قليلا من يحمل هم قضيته ويفكر بجدية بأن يخطخط رجعة إلى بلده ووطنه الذي ولد وترعرع في وافر ظلاله، بل ولا يعلمون أولادهم بأن يحملوا قضيتهم من بعدهم بل أصبحوا لا ينتمون إلى تلك القضية، بل أصبح أولادهم لا يتحدثون بلغتهم الأصلية أو لهجتهم التركمانية في المهجر إلا من رحم رب العالمين، تجد أفراد وجماعات يحاولون بشتى الطرق بأن يلموا شمل التركمان تحت سقف جمعية أو مركز أو مجموعات إغاثية أو تعليمية جاهدين بأن يجعلوا هؤلاءلا ينسون قضيتهم ولو بشيء بسيط، بأن يجمعوهم باحتفال لمناسبة دينية أو وطنية أو رياضية، ويوصلوا رسالتهم إلى هذه الجالية المختزلة.وفوق كل هذا تجدبأن القائمين على تلك الجمعيات والمراكز محاربين من قبل أفراد جاليتهم بأسباب شخصيةأو حسدية أو منصبية أو مذهبية دينية وغيرها من الأسباب الخاصة لكل بلد من تلك البلدان في الغربة.
بل إذا أراد أحدهم بأن يقدم شيئاً ولو بسيطاً يجد من بني جلدته من ينتقده ويستصغره ويشكك في قدرته أو يحاول منعه بحجج واهية، لذا يترك ذلك الفرد تلك المحاولة اليتيمة ولا ينصح أحدا بأن يحاول محاولته اليائسة، وتلك هي المصيبة الكبرى في أنفس الناس إلى أن يحرروا أنفسهم منها حتى يستطيعوا أن يحرروا أوطانهم و قضاياهم.ولهذه الأسباب تأخر التركمان في مسيرتهم الوطنية، وسيبقون تحت إداريات غيرهم من القوميات وربما يختزلون يوما بعد يوم بين تلك القوميات قسرا أو طوعا، إلا إذا أفاقوا من سباتهم وحسبوا حسابهم من جديد وأخذوا الدروس والعبر من الماضي ويعيدوا حساباتهم حسب مقومات الحياة السياسية والدبلوماسية العصرية ويعتمدوا على أنفسهم في ذود عن قضيتهم، وليعلموا بأن قضيتهم لا تكمن إلا بأفراد مخلصين صادقين ومعروفين بين بني جلدتهم، الذين لا يهمهم مصالح أنفسهم ولا مناصب ومراتب ولا شهرة ولا أن يبيعوا قضيتهم في محافل سوق سياسة السوداء بمصالح بلدان أخرى ولا أن يتنازلوا بأبسط شيء من حقوق شعبهم أو يتراجعوا من مبادئهم الوطنية التي وضعها أجدادهم في حــق تقرير مصيرهم.حتى نكون واقعيين أكثر في تقييمنا، ندعو الشعب التركماني السوري والعراقي إلى رص الصفوف ولم الشمل وتوحيد الكلمة فيما بينهم، والابتعاد عن الدعوات القومية الباطلة والاستفزازية والتركيز على إعادة الناس إلى فهم قضيتهم الأصلية، واتخاذ الحيطة والحذر من تدبيرات أعداء الوطن في إشعال نار الفتن بين فسيفساء بلدانهم ومناطق تواجدهم ولا فضل لعربي على كردي وعلى تركماني إلا بتقوى الله تعالى، وكلنا من آدم وآدم خلق من تراب، والتراب جزء من هذا الكوكب الذي خلقه الله للبشر أجمعين، ليتعارفوا فيما بينهم وليتقاسموا مواردها وثرواتها الطبيعية، والعراقيون جزء من هذه الأرض التي هي من الكواكب السيارة حول الشمس في فضاء هذا البديع العظيم..
طــوال الســنوات في فترة مابعد عام 2000 وكمــا فــي العهــود الســابقة ســعى التركمــان الــى الحفاظ على هويتهـم بوصفهـم القوميـة فـي بـلدان تواجدهم في سوريا والعراق مـن خـال التأكيـد علـى لغتهـم المميـزة وفلكلورهــم الشــعبي وحضورهــم الثقافــي. وقــد تزامـن ذلـك مـع رغبـة شـديدة باالاندمـاج مـع البيئة الاجتماعيـة والثقافيـة، تجلـى علـى شـكل الدخـول بالحـزاب السياسـية غيـر التركمانيـة، والنفـور مـن عدهــم اقليــة فــي بلدانهم. وشكلت هذه الثنائية المتناقضة معالم السلوك التركمانـي بيـن الاندفـاع نحـو الاندمـاج مـع المحيط وإلانكفـاء نحـو الـذات والقــدرة علــى مواجهــة الجماعــات الكبــرى المحيطة بهم. وينتظـم التركمـان فـي المناطـق الحضريـة ضمـن أحياء وفـي المناطـق الريفيـة على شـكل قبائل وعشـائر. وتشـير اسـماء البيوتـات الـى المهـن التي يمارســها التركمــان ويؤكــد الكثيــر مــن المســتطلعة آرائهــم ان العشــائر التركمانيــة التمــارس الكثيــر مــن العــادات القبليــة الموجــودة لـدى العـرب لا سـيما الفصـل العشـائري وعـادات الـزواج، مشـيرين الـى ان المـرأة التركمانيـة تحظـى بمكانــة رفيعــة فــي الاســرة ومــن النــادر وجــود تعــدد الزوجــات لرجــل تركمانــي.
يــزدري التركمــان بشــكل خــاص وصفهــم بأنهــم بقايـا الأتـراك العثمانييـن، وهـي جـزء مـن التجربـة التـي عاشـتها هـذه القوميـة فـي ظـل النظام البعثي في سوريا والعراق المعاصــرة. فقــد كان الاســتعمار البريطانــي والفرنسي حريصــا علــى إبعــاد التركمــان من الساحة الوطنية بوصفهــم بقايــا العثمانييـن، فيمـا تلقفـت قـوى سياسـية محليـة هــذه الفكــرة وروجتهــا لأغــراض سياســية، التــي صـارت فيمـا بعـد جـزءا مـن الريبـة التـي مارسـتها الانظمــة القوميــة التــي حكمــت سوريا والعــراق بحــق التركمــان. إن الانكليــز نظــروا الــى التركمــان بوصفهــم عمــلاء العثمانييــن، لأن التركمـان وقفـوا ضـد اسـتعمارهم، حتـى قيـل ان ثـورات ضد الاحتلال بـدأت مـن مناطق التركمانية في العراق . وارتكـب الانكليـز مجــازر بحــق التركمــان منهــا مجــزرة 1920 فــي كركــوك، ثــم مجــزرة ليفــي فــي ،1924 ثــم ارتكبــت الانظمــة المختلفــة مجــازر اخــرى بحــق التركمــان منهــا مجــزرة 1946 بحــق عمــال شــركة النفــط. وبعــد ثــورة 1958 فــرح التركمــان بهــذا الحــدث لأنهــم كانــوا ضــد الملكيــة في العراق التــي جــاء بهــا الانكليــز لكــن فــي 1959 عندمــا اراد التركمــان الاحتفــال بذكــرى الثــورة ارتكــب الشــيوعيون مــن العــرب والاكــراد مجــزرة طالــت ثــاث ليالــي فــي كركــوك أعــدم فيهــا العشــرات، منهــم زعمــاء ومثقفــون وتجــار وبعــد هــذه المجــزرة تحديــدا اجبــر الكثيـر مـن التركمـان الـى الهجـرة مـن كركـوك الـى بغـداد وخـارج العـراق.
نعتقد أن الهجوم على المكون التركماني في سوريا والعراق مستمرة وهي ليست وليدة صدفة بل هي مخطط ومرسوم لها من قبل دوائر استخباراتية دولية.!! وبعد عام 2011 يعتبر التركمان السوريين أكثر المكونات السورية تضررا من قبل الشبيحة والدواعش واخواتها. مع ذلك لم ينصفهم لا الإعلام ولا القوى المؤثرة في الشأن السوري ، وبدليل استهدف مليشيات الشبيحة بشكل مركز كل الأحياء التركمانية وفي كافة المدن والبلدات السورية، وتم قصف القرى التركمانية بشكل وحشي، من محافظة القنيطرة وريف دمشق والساحل السوري وريف حماة وحمص وإدلب وحلب والرقة وتل ابيض بشكل مدروس وممنهج ، وتم ارتكاب أفظع الجرائم ضدهم واجبارهم على النزوح بالقتل الجماعي وحرق وتدمير ممتلكاتهم يرقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية، ومع ذلك لم يتم تداول مأساة المكون التركماني من قبل الرأي العام العالمي والإقليمي والمحلي بشكل يناسب تضحيات التركمان السوريين.
حيث ان إقحام التركمان في الصراع الدائر بين أطراف الاجرام واللصوصية لانظمة القمع في سوريا والعراق ومحاولات جعل التركمان هدفا طائفيا ومذهبيا وعرقيا مشتركا بين أطراف النزاع السلطوية، هي محاولات يائسة للبحث عن كبش الفدا لهذه الانظمة المتهالكة وإلقاء اللوم على الآخرين هي هروب إلى الأمام للقفز من السفينة المتهالكة التي أصبحت تغرق شيئا فشيئا، وان اتهام المكون التركماني السوري ، هي وسام شرف للتركمان ودليل على اخلاصهم للوطن السوري ، ومؤشر هام على مدى تأثيرهم على مجريات الأحداث في سوريا وكما تدلل على صحة مواقفهم من هذه الأحداث والتطورات في الساحة السورية والمنطقه بشكل عام.التركمان والوطن السوري والعراقي .. ضحايا يدفعون الثمن بسبب جذورهم العرقية..يشكل التركمان السوريون شريحة واسعة من النسيج السوري، ويُعدّون من أكبر القوميات الموجودة في سورية بعد العرب، وعلى الرغم من غياب إحصاءات دقيقة يُمكن الركون إليها لعدد التركمان في سورية، إلا أن مصادر عدة التاريخية والجغرافية تُفيد بأن عددهم يفوق عدد الأكراد، ما يجعلهم القومية الثانية في سورية، والتي عُرفت بتنوعّها الطائفي والقومي والإثني.ولما كانت سوريا نسيجا متناغما من القوميات والطوائف والديان، تعمدت الحكومات السورية السابقة واللاحقة ومن ثم في فترة الثورة السورية بكافة اطيافهم قدم التركمان تضحيات جسيمة على كافة الاصعدة وقدموا الشهداء وكانوا البعض منهم ايقونة امثال عبد القادر صالح وغيره كثر مع ذلك تعمد ويتعمد بعض جهات التي تمثل الثورة بعدم ذكر هذه الحقيقة واعتبار التركمان بين الاقليات إذا لزم أمر فقط.نحن حاجة الى براغماتية اخلاقية والعثمانية الجديدة وليلة القبض على الانقلاب ,ولكن ياترى هل سنتجاوز ثقافة القرون الوسطى قريبا والطيور المهاجرة في الازمة السورية وفرص الحل السياسي في عاصمة الامويين دمشق لانهاء ماسي السوريين منذ اكثرعشرة سنوات .ويجب علينا ان نعي بان التسامح بين كافة اطياف المجتمع السوري يجب ان يحل هذا التسامح والالفة محل الشدة بين فسيفساء المكونات المجتمع السوري ، وان يحل الاقناع وسماع الراي والراي الاخر محل فرض الامر وعدم سماع جميع الاطراف للوصول الى الحلول وبعكس ذلك فان القضية التي يراد خدمتها سيصيبها الضرر الاكبر وتنكأ الجروح في ضمير المجتمع لسنوات طويلة .طبعا كان من المفترض ان يكون عام 2011 شعلة امل لكل الاحرار في الوطن السوري ولكنه انقلب الى كابوس مرعب فانتحل قسم من المظلومين دور الظالم وبقي التركمان وحدهم في صف المظلومين وبقي النضال التركماني مستمرا ,فتم ارتكاب مجازر عدة بحقهم من قبل النظام والدواعش واخواتها في اكثر من مكان بسبب مواقفهم، تحديداً في حي بابا عمرو الحمصي، وفي قرية الزارة، التي تمّ تهجير ما تبقّى من سكانها بعد قتل عدد كبير منهم والمجزرة مروّعة في قرية تسنيم، بالقرب من الحولة .
كما وقعت مجازر بحق التركمان في أحياء عدة، في جنوبي دمشق .ويُذكر أن مليشيات الشبيحة قامت بتهجير كل التركمان الذين كانوا في قرى جنوب حلب بالقرب من مدينة السفيرة واطرافها بعد قصف والقتل وتدمير قراهم وبلداتهم. ومع ذلك دفع التركمان الثمن الأكبر في الوطن السوري نتيجة موقفهم من الثورة، وقُتلوا وهُجروا من مناطقهم ومع ذلك استمر الكفاح المسلح والكفاح السلمي في المناطق المحرره للشباب التركماني السوري الحر مع بقية الاطياف المجتمع السوري الحر المحبين لوطنهم ومجتمهم دون تمييز او اقصاء لاحد ، هذا مانراه الان في مناطق المحررة في الشمال الوطن السوري في منطقة درع الفرات ومنطقة غصن الزيتون وغيرها من المناطق.
لقد فقدنا الكثير باضاعة الوقت،مما نتج عن ذلك عدم تحين الفرص الالمعة، ولكن بدلا من ان نندب الحال فانه من الضروري ان نستكشف مواطن الخلل في مؤسسات التي تمثل السوريين الاحرار ونبحث عن الحلول المفيدة بعيدا عن الانانية والاقصاء الاطراف حيث ينبغي التفكير عاجل والفوري بذلك .ليس للتركمان اية نوايا انفصالية على الإطلاق من وطنهم السوري ، لكنه يطالب بمراعاة خصوصيتهم في "سورية الغد" من جهة العادات والتقاليد والتعليم باللغة التركية بالاضافة لكافة الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية الاخرى حيث لدى التركمان مخاوف لجهة عدم احترامها في سورية التي نحلم بها، سورية التي تؤمن بمبدأ المواطنة والمساواة.
أن ذوبان غالبية التركمان السوريين كمكوّن قومي ضمن محيطهم العربي وتوزعهم على معظم الجغرافيا السورية، واندماجهم ضمن المجتمع الأكبر، كان سبباً رئيسياً في عدم ظهور مشاكل تتعلق بالقومية التركمانية، كالتي ظهرت لدى القومية الكردية. تركمان سوريا في الماضي والحاضر كانوا ومازالوا ضحايا يدفعون الثمن غاليا في الوطن السوري ,بسبب جذورهم التركية , وثورة الحرية والكرامة السورية على ابواب عامها العاشر .
علينا ان نعلم الشباب ان الروح والغيرة الوطنية يؤدي للشعور بالحب تجاه الاخرين وتبحث العذر لما يحصل وتكون متسامحة ,وعندما يتحلى الانسان المحب لوطنة ومجتمعه بهذه الروح فانه يحب اهله وقومه وكل فرد فيه ,مما يعزز في نفسه احاسيس التضحية والفداء من اجل الوطن ويزيد من عزيمتة في العمل البناء. ان الدفاع عن القضية التركمانية السورية والعراقية يجب ان يودع الى الشباب المكافح الثوري بشرط تثقيف انفسهم بأعلى درجات الجد، نريد من الشباب التركماني السوري والعراقي العيش والعمل من اجل الوطن ومن اجل قضيتهم التركمانية بالقلم وبالحديث وبالاعلام وبالقيادة.