Dr.Muhtar BEYDILI - الفرق بين الأتراك والتركمان
الفرق بين الأتراك والتركمان
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب-باحث في الشان الركي وأوراسيا
تُطلق تسمية التركمان على قبائل الغز من الأوغوز الأتراك والكلمة مشتقة من (تورك إيمان) أي الترك المؤمنين أو الأتراك الذين اعتنقوا الإسلام.
والفرق بين الأتراك والتركمان، وفي الحقيقة، أفضل مقاربة لتوضيح الفرق تأتي مع الاستشهاد بلفظتي "عرب" و"عربان".
نجد بالصدفة كلمة عربان على وزن تركمان، فالعربان هم بدو العرب وأقحاحهم بينما نجد كلمة "العرب" تشير أكثر إلى هوية مشرقية حضرية ومركبة من مشارب مختلفة على الخارطة الجغرافية .
نعود إلى الفرق بين الأتراك والتركمان ، كإجابة سريعة، هو كالفرق بين العدنان والقحطان الترك والتركمان- مسمى واحد …نجد ان التركمان هم أصلاً بدو الأتراك وأقحاحهم والقدامى منهم الذين عاشوا في الخيم ومارسوا حياة البداوة هم من قبائل الاوغوز، لكن لم يعد لحالة الترحال البدوية هذه وجود يذكر، إذ أن معظم التركمان تحضروا مع نهايات القرن التاسع عشر.
أما "الأتراك" فالهوية التركية هوية حديثة تشكلت بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية تحت اليافطة الجمهورية التركية حيث استقر غالبية القبائل التركمانية قسريا وتحت ضغط السلطة المركزية للإمبراطورية العثمانية بالإسكان والاستقرار في المدن والقرى والبلدات وبذلك تركوا حياة البداوة والخيم وتخالطوا مع اليونانيين في غرب الأناضول ومع مجتمعات بلقانية وقوقازية وغيرهم متوزعون ضمن حدود تركيا تقبل التعريف عن نفسها باسم الأتراك او "تركي" لا تركماني.
وفي كتاب تاريخ ابن خلدون الجزء الأول يصف ابن خلدون الترك او التركمان بقوله ؛
ان هذه الأمة هي بدون شك من أشهر أمم الكرة الأرضية، وأكثرها عددًا وأشدها شكيمة وأوسعها فتوحات، وأمجدها تاريخًا، وإنهم معدودون من الشعوب الطورنية، وهم متشابهون في الخلقة مع الصين والتبت والمنغول واليابان عبرة بما تجده من سحناء أتراك الأستانة والأناضول، فإن هؤلاء قد تولدوا وتناسلوا في غربي آسيا من قرون متطاولة، واختلطوا بالأمم الأخرى كالقوقازيين والمكدونيين والأرناءوط والروم والبلغار والأكراد والصرب وبقايا أهالي الأناضول القدماء، وتولدت منهم أمة لا تشبه المغول ولا الصين، ولكن الترك الأناضوليين الذين لم يختلطوا بهذه الأمم الغربية يشبهون كثيرًا أتراك بخارى وخيوه وكاشغر، وهم ذو ملامح ظاهرة الشبه مع أهل الصين والتبت والمغول.
كان الترك من على عنق الدهر في جبل الذهب بين سيبيريا والصين، ثم أخذوا ينتشرون في الأقطار، فهاجروا إلى شمالي سيحون وجيحون، وإلى الشرق الشمالي من بحر خوارزم، وإلى الشمال الغربي من الصين والخطا، فكان منهم قسم الغرب وهم «المجار والفنلانديون» — أهل فنلاندا على البلطيك — والبلغار وهؤلاء هم الذين يقال لهم «الأوراليون» وكان منهم قسم في الشرق وهم الذين يقال لهم «المانشو والتونغوز» وقسم في الجنوب الشرقي وهم«المغول».وكان لهم مناسبات ومحاربات مع الأمة الفارسية وقيل إن هيرودتس أبا المؤرخين أشار إليهم تحت اسم تاركيتاوس.
وباني أول دولة منهم أوغوز خان بن قرة خان، وكان له ستة أولاد، وهم كون خان، وآي خان، ويلديز خان، وكول خان، وداغ خان، ودكز خان. فمن هؤلاء ثلاثة سكنوا الشرق وثلاثة سكنوا الغرب، وكان لكل منهم أربعة أولاد فصار لأوغوز خان ٢٤ حفيدًا هم رؤساء القبائل التركية هكذا قال نسابوهم.
ومن البداية انقسم الترك إلى قسمين؛ الساكنين في شرق تركستان وهم «الاويغور» والسكانين في الغرب منها وهم «الترك أو التركمان» وكان «الاويغور» بادئ ذي بدء أرقى وأرق وأكثر مدنية، وكان لسانهم لسان الترك الأدبي وكان لهم خط ومؤلفات. ثم جاء رهبان من النساطرة ونصروا بعضهم وعلموهم خطًّا مأخوذًا من السريانية، وموجود بهذا الخط كتب تركية إلى اليوم.
ولا يمكن تتبع تواجد تركمان سوريا والعراق ولبنان وفلسطين إلى العثمانيين كما هو شائع، بل إلى السلاجقة الأسبق منهم، إذ كانت سوريا وفلسطين والعراق أول مكان توطن به الأتراك في الشرق بعد هجرتهم من أواسط آسيا في القرن الحادي عشر ميلادي، مشكلين دويلات "الأتابكة"، وما تركمان سوريا إلا بقايا تلك الحقبة.
للتركمان آثار جغرافية تستنبئ بوجودهم، الجبال ومحاذاة الساحل والسهول والهضاب. حيث نجد أينما وجد روم أرثذوكس وجد بالقرب منهم تركمان بسبب صراعهم التاريخيّ لاستيلاء على المنطقة في حقبة تاريخيّة ، وهم كالجيران القدماء المرتابين من بعضهم والذين يتبادلون الجفاء والانسجام عبر التاريخ.
منذ صغري كنت اطلع على تاريخ اجدادنا التركمان أو الترك القدماء من كل الجوانب كالعقائد والاخلاق والتفكير ونقاط الضعف والقوة في الشخصية الإنسان التركماني ولكن إذا بحثنا في الاساسيات في مكون شخصية الترك او التركمان وما الاضافات التي اضيفت عليها في البيئة التي عاشوا فيها حتى تحولت الى تركمانية ثم تركية وتركمانية …
يجب ان نعرف ان الترك قبل دخولهم الاسلام كانوا قبائل كثيرة يعبدون الديانة الشامانية وبعد دخولهم الإسلام اكثر قوة بقوة إيمانهم وعزيمتهم فتحوا أصقاع العالم نجد بان الديانة الإسلامية للترك اضاف لهم الكثير في حياتهم على كافة الأصعدة حيث انتشروا في العالم وأسسوا دول وإمبراطوريات عديدة في المشرق العربي وفي أواسط آسيا ..!
ويذكر ابن خلدون في كتابه انه في سنة ٣٥٠ أسلم سالورخان سلطان التركمان سلالة طاغ خان وتسمى قره خان وأسلم معه قومه، وجاء ابنه فبنى جوامع وفتح عمه بفراخان كاشغر، وأخذ بخارى من السامانية، وجاء بعده أحمد خان بن أبي نصر فأكمل إسلام من لم يهتد من الأتراك، وازداد تردد الترك إلى بغداد، وامتلأت منهم العراق وأرضوروم وأذربيجان، ووصلوا إلى الشام وصار منهم أمراء جيش الخلافة، واستبدوا بأمورها وصاروا يكتبون بالعربي، وبعضهم اتخذ اللسان الفارسي ولم يهتم أحد منهم بلسان «الأويغور التركي القديم» ولم يجعلوا التركي لسانًا رسميًّا إلا في زمان بني سلجوق في الأناضول، ثم ترقي هذا اللسان في زمان الأتراك آل عثمان الذين خلفوا آل سلجوق، لا سيما في أيام محمد الفاتح وسليم وسليمان، وفكر سليم في جعل العربي لسان الدولة الرسمي فلم يطيعوه، لكن بقي لسان الدين والعلم، وأما لسان الأويغور فقد كان في زمن جنكيز خان ترقى كثيرًا لكنه عراه بعد ذلك التوقف، وهو الذي يعرف ﺑ«جغطاي» ثم بتوالي الزمن تباعد «التركي الغربي العثماني» عن «التركي الجغطائي» كثيرًا. ثم هناك «تركي تتر القريم» وهو متوسط بين الفريقين.
وعلماء الألسن يجعلون التركي خمسة أقسام؛ الأول: الأويغوري أو الجغطائي، الثاني: التتاري، والثالث: القيرقيز، الرابع: الياقوتي، الخامس: العثماني، وليس للقيرقيز والياقوت أدبيات في ألسنتهم، والقرقيز مسلمون لكن الياقوت لا يزالون وثنيين، وقيل إن الياقوتي هو أصل التركي، والباقي فروع عنه، ويقول المدققون إن التركي يشبه في الدرجة الأولى لسان التونغور والمانشو من الألسنة الطورانية، وفي الدرجة الثانية لسان المغول، وفي الدرجة الثالثة لسان المجاور والفنلانديين.
من خلال الأبحاث نجد ان عقلية الزنكيين التركمان تختلف عن عقلية السلاجقة التركمان وعن عقلية التركمان غير العثمانيين وعن عقلية الاتراك الجمهوريين بعد انتهاء الإمبراطورية العثمانية وعن عقلية الجيل الجديد هناك تشعبات كثيرة لايفهمها الا من يحمل كل هذه العقليات ويكون من نسلهم الصافي يحمل نفس الجينات ليميز الفروقات بين التركمان والترك بشكل عام..
في النهاية نقول للبعض تركمانيتا لايتعارض مع جنسية البلد التي عاش بها اجدادنا عبر اكثر من ألف عام ونعيش نحن احفادهم بها مثل سوريا والعراق ولبنان وفلسطين والأردن وليبيا والجزائر وغيرها من بلدان انتشار التركمان عبر التاريخ حيث نحمل جنسية تلك البلدان ونفتخر بها وندافع عن ترابها الغالي لأنها وطننا..
|