BLOG
27.01.2023 - نحن شعب نتقدم باتجاه الموت من أجل الحياة |
نحن شعب نتقدم باتجاه الموت من أجل الحياة ..!!
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب- باحث في الشان التركي وأوراسيا
في هذه الاوقات بالغة الدقة والخطورة، نقف وإياكم امام تحديات كبيرة امام الثورة السورية المعاصرة، نحو تثبيت حقنا في المطالبة بالحرية والكرامة والخلاص من النظام الفاشي في عاصمة الامويين دمشق.
إننا إذ نقف اليوم وقد قاربت عمر ثورة الحرية والكرامة 12 عاما منذ انطلاقتها المجيدة، لنتوجه بداية بتحية الإكبار والإجلال لشهداء ثورتنا، وإلى كل جرحانا البواسل؛ نقول لذويهم وأسرهم بأنهم باقون في ذاكرة الوطن ووجدانه، وإن تضحيات أبنائكم هي أوسمة ونياشين شرف على صدوركم وعلى صدر الوطن؛ ولأسرانا الأبطال نقول: إن فجر الحرية آت لاريب فيه، وسيواصل الشعب السوري الحر العمل من أجل حريتة وكرامتة.
حين انطلقت ثورة الحرية والكرامة السورية ، قطع رجالها على أنفسهم عهداً وقسماً بأن يمضوا في سبيلهم الذي اختاروه في أصعب الظروف؛ وما زال الصراع والنضال محتدماً لتحقيق أهداف شعبنا في نيل حريته وكرامته وسوف نبقى متمسكين بثوابتنا الوطنية والقومية ، وعلى القرار الوطني الحر ، الذي دفع ويدفع شعبنا من أجله ثمناً باهظاً من دماء أبنائه الزكية الطاهرة.
وها نحن اليوم، وبعد مضي 12 عاماً على انطلاقة الثورة - نواجه الان تحدياً على ثوابتنا ومشروعية حق شعبنا في نيل حريته بعد خذلان اصدقاء الشعب السوري من المجتمع الدولي والتي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية..
انتفض الشعب السوري رغبة في التحرر وليس بإملاءات خارجية كما يصور ذلك النظام أو أبواقه في الداخل والخارج ، ممن يسبحون بحمد النظام، وممن لايزالون يقتاتون من موائده العفنة. فالثورة السورية الان تواجه مؤامرة كبرى لتغيير مسارها وهدفها وطابعها، لذلك فالشعب السوري بحاجة ماسة لوقفة شموخ وإباء والدعم من الجميع في العالم بعدما استشهد قرابة المليون في هذه الثورة وشرد اكثر من عشرة ملايين في الخارج واصبحوا للاجئيين في اصقاع العالم وتم تهجير القسري قرابة عشرة ملايين في الداخل السوري من قراهم ومدنهم وبلداتهم بسبب الاحداث .
العالم يجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه الشعب السوري، ومن العار على العالم والرأي العام أن يتفرج على المذابح التي ترتكب يوميا منذ قرابة 12 عاما ، ويشاهد آلة القتل والتهجير اليومية وهي تحصد العشرات، ولا نجد حراكاً عالميا حقيقياً يوقف تلك المذابح في بلدنا، وكأن سوريا ليست من الكرة الأرضية،أو كأن الشعب السوري ليس بشراً يستحقون العيش بسلام. فالدماء الطاهره التي سالت وتسيل اليوم على الأرض السورية جراء القتل الممنهج على يد النظام، الذي لم يستثن احداً من الاحياء، تقدم الصورة الحقيقية لهذا النظام، وتعطشه لسفك الدماء في أبشع صور على يد جنوده وشبيحته.
نعم هناك تحديات كبيرة تواجه العمل السياسي حالياً ، فالجيل السابق فرض نفسه بقوة على الحراك الثوري من الخارج والداخل في حين أن تطلعاته الثورية وديناميكيته وفعاليته تختلف عما يطالب به الشبان في شوارع الثورة الممتدة من درعا وصولا الى اقصى الشمال السوري، أنا واكبت هذا الحراك وعملت عن قرب مع كافة الاطياف من شبابه وشاباته وأدركت أن هناك فجوة كبيرة بين الجيلين، إضافة إلى أن من يتصدرون الواجهات السياسية اليوم، هم أقرب ما يكون إلى التجار بعيدون كل البعد عن المصالح الوطنية.
إن حرية وكرامة شعبنا وحقوقه وثوابته غير قابلة للمساومة؛ ونحن بإذن الله قادرون أن نقف بكل شموخ واعتزاز، مستمدين ذلك من عدالة قضيتنا وصمود شعبنا ومبادئنا التي لن نحيد عنها، لندافع عن شعبنا وقضيتنا في المطالبة باسقاط النظام الفاشي الطائفي وتحقيق العادلة للشعب السوري بكل اطيافهم.. أن ثورة الحرية والكرامة أحدثت تغييراً في شخصيتي لانني اؤمن بالقيم والمبادئ التي خرجت من أجلها في ثورة الحرية والكرامة، لكن لابد من إعادة تقييم الأدوات والآليات حيث أن الخلافات والشقاقات في صفوف الثوار نفسها أضرت بالجميع وحرفت المطالب الحقة عن مسارها الوطني.
فالطغاة لا يعرفون للحياة قيمة، ولا يعرفون معنى من معانيها الكريمة. فقط من أجل أنفسهم وكراسيهم واستبداهم هم على استعداد للتضحية بشعبهم، اذا كانت ذلك ضرورية للبقاء على كرسيهم لا يرقبون فيهم إلاًّ ولا ذمة.. فكم مليوناً من البشر فُقدوا ارواحهم على يد النظام الفاشي القابع في عاصمة الامويين دمشق من أجل أن يبقى على حكمه الدكتاتوري؟ وكم من بلد حول العالم دُمر من أجل أن يظل هؤلاء الحمقى على عروشهم؟
لذلك يجب علينا مواصلة النضال الثوري بكل إخلاص ومثابرة العمل على توحيد شعبنا بوحدة وطنية راسخة وقوية بوضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.إن شعبنا لن يخضع للاملاءات الدولية ولن يركع ولن يستسلم. وهو باق وصامد، ومرابط في وطنه بعربه وتركمانه وكرده وجركسه بمسيحييه ومسلميه.ستبقى راية الحرية مرفوعة للأجيال، جيلاً بعد جيل؛ فها هم أطفالنا وشبابنا وشاباتنا ونساؤنا وشيوخنا ماضون في عطائهم وتضحياتهم، لمجابهة كل التحديات طوال الفترة الماضية من عمر ثورة الحرية والكرامة السورية اليتيمة.
فنحن شعب نتقدم باتجاه الموت من أجل الحياة ،منذ فجر نضاله من أجل الحرية والحياة الكريمة والخلاص من الاستبداد،فهو يستحق الحياة الكريمة مثل كل شعوب العالم. ويتوجب على المجتمع الدولي ضمان أن كل المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية سوف يعاقبون على ما فعلوا وإحالة الوضع في سورية للمحكمة الجنائية الدولية.
إن المستبدين والطغاة قد أفسدوا على الناس حياتهم، وألبسوها ثوباً أسوداً على الدوام، وأسدلوا علي الحياة ستائر سوداء حجبت عن الناس جمال طبيعتها وعظيم صُنع الله فيها، وضيقوا على الشعوب كل ما وسعه الله عليهم، حتى أنفسهم ضاقت بضيق العيش، وقلة الرزق، وانعدام الدخل، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت بالملاحقة الأمنية، والتجسس، ونشر العيون التي تراقبهم في بيوتهم ومصانعهم.
بمسؤولية وطنية عالية،يجب ان يلتئم ويجتمع المكونات السياسيةوالاجتماعية السورية بكل اطيافهم بمؤتمر حوار وطني حر شامل مستشعرة الأهمية القصوى للحظة التاريخية الحرجة من عمر الثورة السورية،بمفصليتها في الرسو بسفينة سوريا بعيداً عن الصراع المصالح الدولية، وخلاصاً من الفشل والانهيار الشامل الذي أنشب مخالبه في كبد الوطن، ولما تمثله اللحظة من أثر عميق فيما بعدها، باعتبار الحاضر هو من يرسم ملامح الغد السوري الحر المقبل . يؤسس هذا العقد الاجتماعي الجديد على قواعد إرساء اسس جديدة لسوريا الحره،وبإجراء مراجعة عميقة وشفافة لعمل طوال فترة الماضية ووضع المسؤولية لكل الاختلالات ومكامن الضعف في هياكل مؤسسات الثورية والوطنية والممارسات السلبية التي أفضت لمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
لقد أفرز ذلك الفشل السياسي في إدارة مؤسسات الثورية الكثير من الأزمات ولعل أهمها على الإطلاق تمثل في تهديد مقومات وحدتنا الوطنية، وتنامي الشعور لدى ابناء شعبنا اليأس التام من إمكانية معالجة الأوضاع التي أفرزها هذا الفشل في عمل مؤسسات الثورية عامة،وارتفعت الأصوات في إطار الحراك السلمي باسقاط المؤسسات الثورية من الائتلاف الى الحكومة الموقتة الذي لم يجد آذاناً صاغية تتعامل مع استحقاقاته بروح وطنية حريصة ،كما أفرز ذلك الفشل بخروج مظاهرات مطالبة باسقاط كل تلك المؤسسات في المناطق المحرر.
كل ماسبق متغيرات حاسمة وحتمية أدت إلى المطالبة بالتغيير فهو المطلب الذي توافق عليه كل السوريين كحل مرجو للخروج من الازمة الراهنة ومن المأزق الذي يكاد ان يقضي على كل أمل بالنهوض بالثورة والوطن والحفاظ على وحدته وسلامته وكرامة أبنائه.
رغم خيبات الأمل والصعوبات التي اعترضت وتعترض طريق السوريين فنحن نؤمن بالثورة السورية اليتيمة، لم نفقد الأمل بأن هناك الكثير من السوريين المحبين لبلدهم والذين يعملون بتفان للنهوض بها، فالشعب السوري يستحق العيش بحياة كريمة بعد كل المصاعب التي حلت بها طوال العقود الماضية .
حيث نحلم بدولة مدنية تحترم حقوق الإنسان ويسود الاحترام المتبادل بين بناتها وأبنائها بغض النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم، وأن تكون دولة قانون بالدرجة الأولى. وللتاريخ وللأجيال ،ان حملة لواء الحرية والكرامة و التغيير ووقوده هم من خيرة شباب وشابات هذا الوطن الذين خرجوا للساحات والميادين في عام 2011 يحدوهم الأمل في إعادة رسم ملامح وطن يتنفسون فيه بالحرية والكرامة والعدل والمساواة ويفخرون به منارة للمدنية والازدهار.
كيف يمكن لنظام ديكتاتوري فاشي أو حاكم أن يبقى في الحكم على جماجم الأبرياء من شعبه البريء المغلوب على أمره، وكيف يمكن فرض حكم على شعب يرفض حاكمه ونظامه القمعي.. شعب يحاول التحرر من القمع المستمر لأكثر من نصف قرن من الزمان، ألا يستحق من العالم الحر أن يقف معه مسانداً وداعماً ؟ فالشعوب الحره في نهاية المطاف ستنتصر مهما قدمت من تضحيات، ولا يمكن أن تتراجع عن مطالبها، خاصة إذا ما سالت منها الدماء، والشعب السوري الحر لم يقدم الدماء فحسب، بل هو اليوم مستعد لتقديم أضعاف ما قدمه خلال السنوات الماضية من عمر ثورته.
فالشعب السوري سينتصر في النهاية، وسيعيد كتابة تاريخه العظيم بتكاتف كافة أبنائه من العرب والتركمان والكرد والجركس والسريان وغيرهم بعد أن اختطف وشوّه تاريخه ونضاله لعقود من الزمن. النظام القمعي الفاشي في دمشق لن يستطيع أن يحجب الشمس بغربال، ولن يستطيع أن يوقف مطالبات الشعب، ولن يستطيع الاستمرار في حكم شعب يلفظه ويرفضه مهما طال الزمن.. فمهما استخدم من قوة، ومارس من بطش، ومهما قدمت له حلفائه من سلاح جواً وبحراً، فإن الشعب منتصر.
|